واشنطن - أعرب مسؤولون أميركيون عن خشيتهم من ان مشاريع إعادة الإعمارالتي كانت عرضة لأعمال النهب والفساد، ستعود لتنهار مجددا، مع وجود خطط لانفاق 200 مليار دولار يقال انها ستخصص لمشاريع التنمية، بينما يعتقد الكثيرون انها ستخصص لمواصلة برامج النهب التقليدية التي تمارسها المليشيات الطائفية الحاكمة.ويسود الاعتقاد بين اوساط المليشيات الحاكمة ان السنوات القليلة المقبلة ستكون الفرصة الاخيرة لكل الذين لم يواتيهم الحظ بشراء عقارات في بريطانيا والولايات المتحدة او تحويل أموال الى إيران.
وتسمح الحكومتان الاميركية والبريطانية للمسؤولين العراقيين بتحويل مليارات الدولارات الى حسابات خاصة.
ويقول مسؤولون أميركيون ان لدى واشنطن قلق من ألا يتمكن العراق من الحفاظ على المنشآت التي أعيد إعمارها ما أن يغادر الأميركيون . ويعتقد ان الكثير من أركان المليشيات التي جاءت على ظهور الدبابات ستخرج قبل خروج القوات الاميركية، بما "خف حمله" قبل رحيل الدبابات.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إلى ان المخاوف الأميركية على استمرارية المشاريع تتزامن مع استعداد العراق لانتخابات في كانون الثاني- المقبل وبعدما ظهرت إعادة الإعمار باعتبارها ضرورة سياسية في العراق متقدمة على الشأن الأمني بما ان مصدر قلق الناخب الرئيسي هو غياب التقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.يشار إلى انه من المتوقع أن تبدأ القوات الأميركية المحتلة انسحابها من العراق في السنة المقبلة، والى ان أميركا أنفقت 53 مليون دولار على إعمار هذا البلد.
ولفتت الصحيفة إلى ان الكثير من المشاريع التي أنفق عليها الكثير توقفت ومن بينها مصنع معالجة مياه كلف 270 مليون دولار، ومستشفى أميركي كبير، ما أن سلمت إلى العراقيين الذين إما لم يعرفوا كيف يديرونها،أو لم تتمكن الحكومة العراقية من توفير التجهيزات والطاقم المناسب ولا حتى الكهرباء.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وعراقيين قولهم انه في مئات الحالات خلال السنتين الماضيتين، رفضت الحكومة أو أخرت تسلم مشاريع لأنها لن تتمكن من صيانتها أو تأمين طاقمها، في حين بقيت بعض المشاريع التي بنيت ببأموال أميركية، مثل المستشفيات والسجون والمدارس، فارغة لأن ما من عدد كاف من العراقيين لإدارتها وتشغيلها.لكن المسؤولين يقولون ان اللوم مشترك، ففيما يعتبر العراق مذنباً بسبب سوء الإدارة، يقع ذنب السلطات الأميركية في فشلها بسؤال العراقيين عن نوع المشاريع التي يحتاجونها بالاضافة الى انها لم تتابع الأمر بتدريب مناسب.ولفتت الصحيفة إلى ان الحكومة العراقية تعهدت بإنفاق المزيد من أموالها على إعادة الإعمار لكن العراق يواجه عجزاً محتملاً في الموازنة في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً.
واعتبرت انه في حال استخدمت المراكز والمصانع التي بنتها أميركا في العراق أم لا، فإن الشركات الأميركية هي التي فازت بحصة الأسد من عقود إعادة الإعمار.ونقلت عن المسؤولين الأميركيين والعراقيين قولهم ان ما فاقم المشكلة هي ان مئات آلاف العراقيين المحترفين فروا من البلاد أو قتلوا خلال الحرب وتركوا وراءهم شعباً ينقصه أطباء وممرضون ومهندسون وعلماء.
ونقلت مصادر صحافية محلية القول ان العراق والأمم المتحدة اتفقا على إطار أولي لشراكة تنموية رئيسة جديدة تهدف لتعزيز الخدمات الاجتماعية والنمو الاقتصادي على مدى السنوات الخمس المقبلة من خلال تنفيذ مشاريع بقيمة 200 مليار دولار.ونقلت صحيفة مملوكة للدولة عن بيان لبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) إن "خطة التنمية الوطنية في العراق ذات الخمس سنوات تضم مشاريع بقيمة تزيد على 200 مليار دولار كاستثمارات في مجال الخدمات والتحفيز الاقتصادي وحماية البيئة للفترة بين 2010 – 2014".وأوضح البيان أن اجتماعا عراقيا - أمميا ناقش خطة العمل لأول إطار للمساعدة الانمائية للأمم المتحدة في الاجتماع الذي شارك فيه أكثر من 120 ممثلا عن الحكومة وأعضاء البرلمان ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الاكاديمية والجهات الدولية المانحة ووكالات الأمم المتحدة.ونقل البيان عن كريستين ماكناب المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الانسانية في العراق قولها إن "اجتماع التخطيط الاستراتيجي لاطار المساعدة الانمائية للأمم المتحدة بحث الاحتياجات التنموية الرئيسة في العراق عقب ثلاثة عقود من الصراع والحرمان"، محددة المجالات الرئيسة للدعم الذي تقدمه الأمم المتحدة للعراق والتي تشمل توطيد السلام وحقوق الانسان والحكم الرشيد والنمو الاقتصادي وحقوق المرأة والطفل والعمل على حماية البيئة في العراق.وينتج العراق ما قيمته 40 مليار دولار من النفط سنويا، أي 200 مليار دولار خلال خمس سنوات، وهو ما يعني انه لن يجد الأموال الكافية لتغطية تكاليف الخطة المزمعة، خاصة إذا أخذ بعين الاعتبار ان المليشيات الحاكمة تنفق اكثر من 20 دولار سنويا على أعمال الأمن.ويبدو ان الطرفين يسعيان الى تغطية تكاليف هذه المشاريع من خلال قروض تضمنها الأمم المتحدة، بغرض تكبيل العراق بها مستقبلا، بينما "تتفرغ" المليشيات الحاكمة للإستفادة من عائدات النفط.ويشكل الغطاء "التنموي" الذي ينتظر ان توفره الأمم المتحدة، فرصة لتحويل عشرات المليارات لتمويل العمليات الأمنية التي يعتقد انها الرهان الأخير للمليشيات لاثبات قدرتها على البقاء في السلطة.