إن لم تعجبكم قوانينهم فخُذوا جَربَكم و وبائكم و عودوا إلى بلدانكم
حذت مدرسة بلجيكيّة حذو عدد من المدارس الأوروبيّة خاصّة في فرنسا و قرّرت منع الحجاب على طالباتها، الوضع الّذي وجدت المسلمات و أغلبهنّ من الدّول العربيّة...وجدن أنفسهنّ مرغمات على تعرية رؤوسهنّ قبل الدّخول إلى أقسام الدّراسة، و نقلت محطّة الجزيرة في إحدى مواعيدها الإخباريّة صور لعدد من الطّالبات المحجّبات و هنّ واقفات يناهضن بحماسة و يستنكرن و يندّدن بسياسة القائمين على المدرسة تجاه الحجاب أو الزّي الإسلامي...هيئاتهنّ و حركاتهنّ تنمّ عن غباء مستحكم و بلادة متمكّنة، و كنّ أشبه بطيور البطريق في مملكتهنّ الجليديّة البعيدة رغم الخضرة الّتي تحفّ بهنّ من كلّ جانب في ذلك الحيّ الأوروبي الحافل بمباهج و ألوان الحضارة الغربيّة الّتي تشرّفن بالوقوف فيها و الدّوس على ترابها، و كان منظرهنّ الغريب في تلك البيئة ناشزا و منفّرا بل مشوّها لتلك الصّورة الإخباريّة المنقولة...بعضهنّ رحن يصِحن و يهتفن بحياة و بقاء الحجاب و كأنّ هذا الأخير شيخ معمّم أو نبيّ مرسل...؟.!!
فأيّ وباء هذا المسمّى الحجاب أو الخراء أقصد الخِمار أو غطاء الرّأس...أيّ وباء هذا الّذي انتشر و استشرى في العالم الإسلامي و لم ينجو منه حتّى المسلمات اللّواتي هربن رفقة أهاليهنّ إلى بلاد الكفر طلبا للأمن و العيش، و أيّ غباء هذا الّذي يطلع علينا به المسلمون و الأعراب ذكورا و إناثا و هم هناك في ضيافة أمريكا و أوروبا بعيدا عن بلدانهم و أوطانهم الّتي لفضتهم أو الّتي لفضوها و كرهوها و هربوا منها طائعين أو كارهين.......؟!
لسان حالهم مثل ذلك الضّيف الثّقيل الّذي يهرب إلى بيتك فتُسكنه عندك من نبلك و اشفاقك على ما بدا لك من حاله و مآله، تكرمه و تؤمّن له إقامة هنيّة و لقمة طريّة و قد كان في داره و بين أهله نسيا منسيّا، تُطعمه من جوع و تأمنه من خوف، حتّى إذا طالت الأيّام و طاب به المقام، انحرف بفعل العادة و تغيّر القصد عنده و المرام، فانقلب ينطق و يتصرّف كأنّه شريك في المُلك (ملكيّة منزلك) أو كأنّه نسيب أو قريب أو فردا نسيته من أهلك...و كيف بحال هذا المستضعف الهارب إليك و المستجير بك، كيف أصبح مثله مثلك و له في بيتك مثل ما لك، يقول هذا أعجبني و هذا لم يعجبني، و هذا يجب أن يكون و ذاك يجب أن لا يكون، من أين جاءته الجراءة و كيف ترك مخاوفه و هواجسه و ضعفه و قلّة حيلته قبل أن يأتيك من لدن أهله و أرضه...بأيّ حقّ يحتجّ أو يحاجج على قانون أو نظام سطّرته على نفسك و على أهل بيتك...؟!!
الأمر نفسه ينطبق على حال المسلمين في دار أهل الكفر...إنّهم يأكلون و يشربون و يدرسون و ينعمون و يرتعون في أحضان العلمانيّة الغربيّة الكافرة ثمّ لا يستحون على أنفسهم و هم يأكلون الغلّة و يسبّون الملّة، لا يستحون و هم يحتجّون و يتذمّرون و يتظاهرون لأنّ مدرسة أو مؤسّسة حكوميّة تمنع تحجّب أو تبرقع نسائهم و بناتهم..لا يستحون و لا يخجلون من سوء المثل الّذي أعطوه عن أنفسهم و دينهم و بلدانهم ثمّ لا يكتفون بل يتدخّلون في شؤون مضيفيهم الّذين أدخلوهم ديارهم و أكرموا وفادتهم و إقامتهم بينهم....؟!!
دائما أيّها المسلمون تردّدون أنّ الديّمقراطيّة و العلمانيّة كفر و أنّ سكّان تلك البلاد الّتي آوتكم و تحمّلت ثقل دمكم و سوء أخلاقكم كافرون و فاسقون و...إلخ، من جهة لا تتورّعون عن بغضهم و التّعالي عليهم و نعتهم ليل نهار بالكفّار و الأعداء و الضالّين، و من جهة أخرى تنسون حتّى سراويلكم و تتركون بلدانكم و تركضون مثل أحصنة السّباق تسابقون الرّيح و بعضكم البعض في زحام و ضراط إلى بلدانهم الكفريّة و حين تصلون تُكرم وفادتكم و تحضون عندهم و بين ظهرانيهم بما لم تجدوه أو تحلموا به بين أهاليكم و في أوطانكم الموبوءة بالتخلّف و الاستبداد و الهمجيّة و القذارة و العنف...!!
فإذا لم تعجبكم العلمانيّة و قوانين الغرب و الكافرين فلماذا حملتم مساوئكم و جَرَبَكُم و وبائكم و مظاهركم المقزّزة و تركتم بلدانكم و هربتم إلى بلجيكا و فرنسا و ألمانيا و أمريكا و غيرهم...أتريدون أن تنقلوا عدوى غطاء الرّأس و كيس القمامة إليهم، أتريدون أن تحوّلوا نسائهم مثل ما فعل مشايخكم بنسائكم بفريضة الحجاب...أتريدون أن تحوّلوا فتياتكم إلى طيور بطريق أو أكياس زبالة متحرّكة في مؤسّسات و شوارع أوروبا...أتريدون من رجالهم أن يقصّروا و يدلوا بلحاهم و يتحوّلوا إلى دعاة و مجاهدين في سبيل اللّه حتّى و لو لم يعجبهم (الكفّار) ذلك أو يناسب حالهم و قوانينهم، أتريدون إرغامهم و وضعهم و هم الّذين ضيّفوكم و أكرموكم لا بل تحمّلوكم و سمحوا لكم بالإقامة في ديارهم كأنّكم جزء من أُسَرهم و أهاليهم...أتريدون وضعهم أمام واقع حالكم المزري المخزي للعين و القلب و العقل...أتريدون أن تجبروهم على تقبّل نفاقكم و غباءكم و أزيائكم المقرفة...أتريدون منهم أن يرضخوا لشروطكم و إملاءاتكم حتّى و إن كانت غريبة عنهم و لا تلائم حياتهم و ثقافنهم و نظام عيشهم...؟!!
أليس الأولى لكم و لكرامتكم أن تتركوا بلدان الكفر و تعودوا إلى بلدانكم و أوطانكم و أنتم أحرار هناك فيما تفعلوه في نسائكم و أنفسكم على سنّة اللّه و رسوله، و إلاّ من فضلكم أغلقوا أفواهكم المشرعة و اعملوا وسعكم في أن تتكيّفوا و تندمجوا و تتعلّموا و تستفيدوا قدر استطاعتكم من تجارب و علوم و أخلاق تلك الشّعوب...ليس أمامكم إن اخترتم البقاء إلاّ أن ترضوا و تقبلوا بالقوانين و الأنظمة الّتي تضعها بلدانهم الّتي آوتكم و أكرمتكم و أنعمت عليكم بالأمن و الأمان و الحرّية و طيب المقام...؟!!
بقلم : باهي صالح