يوضح البروفيسور زيجهارت ديتمان العضو في شُعبة المكورات السحائية التابعة للصليب الأخضر الألماني والذي يتخذ من مدينة ماربورغ الألمانية ـ غرب ألمانيا ـ مقرا له أن أهم أعراض ما يسمى بـ" التهاب سحائي" هي الحمى والصداع وتصلب العضلات خلف الرقبة وعدم القدرة على النوم، فضلا عن الدوار والحساسية للضوء وآلام المفاصل.
وتجدر الإشارة إلى أن العوامل المسببة للمرض تنتقل عبر اللعاب، من خلال التقبيل أو العطس مثلا. وهي تتوغل داخل جسم الشخص المصاب حتى تصل إلى نطاق الأنف والبلعوم، ثم تحطم بعد ذلك الحائل الدموي الدماغي.
وبذلك تصل إلى المخ، مما يؤدي إلى التهاب الأغشية السحائية ويبدأ المريض في الإحساس بالألم الشديد ويشعر بتصلب العضلات خلف الرقبة. ويلاحظ أن أعراض المرض تكون أقل وضوحا لدى الأطفال، وإنما يمكن الاستدلال عليه من خلال ظهور أعراض الأنفلونزا على الطفل، وعزوفه عن اللعب أو هياجه، وكذلك عدم الرغبة في تناول المشروبات وحساسيته تجاه اللمس.
ويشدد أوفه ماير العضو في رابطة أطباء المخ والأعصاب بمدينة كريفيلد ـ غربي ألمانياـ على ضرورة التوجه إلى الطبيب فورا في حالة الاشتباه في الإصابة بالالتهاب السحائي، فكل ساعة لها ثمنها، خاصة إذا كان المريض مصاب بالالتهاب السحائي البكتيري. وفي حالة عدم الخضوع للعلاج يكون هناك احتمال كبير أن يفارق المريض الحياة. وبالنسبة للمرضى الذين خضعوا للعلاج في وقت متأخر فإن المرض يترك لديهم آثارا مثل الشلل ونوبات صرع أو اضطرابات في الذاكرة.
ويمكن معرفة ما إذا كان المريض مصابا بالتهاب سحائي فيروسي أم بكتيري من خلال إجراء بزل قَطَني، وهي عملية غير مسببة للألم نسبيا.
وتوضح أوفه كيفية إجراء البزل القَطَني، حيث يتم أخذ عينة من السائل الدماغي النخاعي الموجود بين النواتئ الشوكية للفقرات القَطَنية السفلية، مع مراعاة اختيار منطقة لا يوجد بها نخاع، كي لا يشكل سحب العينة منها أية خطورة. وبالإضافة إلى ذلك غالبا ما يتم إجراء أشعة مقطعية من أجل استبعاد أية أسباب أخرى للصداع.
ويوضح ديتمان أنه إذا كان السائل الدماغي النخاعي عكرا، فيدل ذلك على الإصابة بالالتهاب السحائي البكتيري. ويضيف ديتمان أنه يمكن الوصول إلى نتائج أكثر دقة من خلال إجراء تحليل مختبري بعد عملية البزل القَطَني: فقد ترجع أسباب المرض إلى المكورات الرئوية أو المكورات السحائية أو الأنفلونزا الناعورية من النوع" ب".
وكإجراء احترازي يتم دائما إعطاء المريض مضاد حيوي واسع المدى على وجه السرعة.
وبالنسبة للالتهاب السحائي الفيروسي يلاحظ أن السائل الدماغي النخاعي يكون في نفس درجة نقاء الماء.
ويشير ماير إلى أنه إذا كان الالتهاب السحائي الفيروسي ناجما عن الفيروسات التي تصيب الغدة النكافية أو فيروس الحصبة، فإن أعراض المرض تزول من تلقاء نفسها. أما إذا كانت فيروسات الهربس هي سبب المرض، فتساعد الأدوية المضادة للفيروسات على العلاج.
ويطمئن ماير المرضى أنه يمكن حدوث انتكاسات في حالات استثنائية فقط وأن احتمالية الإصابة بالمرض مرتين ضعيفة. وينصح ماير المرضى المصابين بالالتهاب السحائي البكتيري بضرورة تناول المضادات الحيوية التي وصفها لهم الأطباء المعالجون أطول فترة ممكنة.
للوقاية من الالتهاب السحائي البكتيري ينبغي تطعيم الأطفال الذين أتموا شهرهم الثاني عشر ضد المكورات السحائية من النوع "C" . وينصح الأخصائيون بتطعيم الأطفال حتى 4 سنوات ضد الأنفلونزا الناعورية من النوع " B"، وتطعيم الأطفال حتى سن يومين ضد المكورات الرئوية، كما يُفضَل تطعيم الأطفال الأكبر سنا والذين لم يتم تطعيمهم حتى الآن.
ويشير الأخصائيون إلى فعالية الأمصال المضادة لفيروسات الغدة النكافية والحصبة أو فيروس التهاب الدماغ المنقول بالقراد "فيروس التهاب الدماغ الربيعي" في الوقاية من الالتهابات السحائية الفيروسية.