منسي الطيب
mansialtaib@yahoo..com
أوّلا ، وقبل كلّ شيء ، نحن لا نـنعتُ مسيحيي العراق بـ'النصارى' ، هذا مع إحترامي للنصوص القرانية التي وردتْ فيها هذه الكلمة ، إلا إنه لا يتوجب علينا إطلاقها على المسيحيين ، سيّما إنهم لا يرغبون بتسمية انفسهم بها ، ولو أخذنا كل مفردة قرآنية وعممناها على الآخرين لتوجب علينا أن نصفَ عرب الجزيرة قاطبة بـ'الأعـراب' الذين هم'أشد كفـرا ونفاقا' كما وصفهم القـران في أكثر من موضع ، بدلا من تسميتهم بآل سعود وآل سعاد وآل موزة وآل ضب وآل لوط . علما إن هؤلاء البدو لا يستنكفون من وصفهم بالأعـراب أو العربان أو أهل الجرب ، بل إنهم يفتخرون بهذه الأسماء والصفات لأنها تذكـّرهم بماضيهم التليد حينما كانوا ينامون بجحور الحيوانات الصحراوية جنبا الى جنب الضب الذي يعشقون أكلته ويفضلونها على أكلة (الكنتاكي) الحديثة و (التشيكن فـرايد رايس) ، ولو عاد القارئ الكريم بذاكرته الى النشيد الوطني للمملكة السعودية حين تأسيسها على يد المغفور له سعود آل خريان سيجد القارئ إن أول بيت شعري من نشيدهم الوطني بلهجته البدوية كان كالتالي:
حِـنـّه البدو حِـنـّه العربْ أهل الوساخة والجربْ
هذه كانت مقدمة مختصرة لا بد منها للتعريف الصريح بمن هم وراء الحملة المشبوهة التي تلاحق وتطارد مسيحيي العراق وتسميهم بـ'النصارى' وتحمّـلهم عداوات بعض قمامصة المهجر مع الدين الإسلامي.
تسمية المسيحيين بـ'النصارى' هي في الحقيقة من تسميات أصحاب العقول الـلادنيّةــالزرقاوية المتحجرة والقلوب الوهابية الغليضة والنفوس المرخانية المريضة. ولا نسمح إطلاقا لأحدٍ مهما كان ، مصريا أو خليجيا أو جنيا أزرقا ، أن يترك مشاكل و(بلاوي) وشذوذ ومخازي وعفونة بلاده العربية المتخلفة ويتدخل في شؤوننا العـراقية وخصوصيات بلدنا لينفث سمومه الطائفية البغيضة بين أبناء الوطن العراقي الواحد. ويكفي هؤلاء الإرهابيون انهم قد قسّموا العراقيين من المسلمين إلى سنة وشيعة وبثــّوا العداوة والشحناء في ما بينهم وجعلوهم يتقاتلون ليبيد أحدهم الأخر قربانا لأربابهم المتعددة وخدمة لمصالح البدو من الأعـراب المنافقين الذين ابتلى بإرهابهم العالم أشد ابتلاء. واليوم جاءوا إلينا بكلمة 'نصارى الموصل' ليصِـفوا بها مسيحيي العراق المسالمين الطيبين الذين هم فخر العراق وعزته وملح وماء طينته وتاج على رأس كل مواطن عراقي شريف يحترم نفسه ويحب وطنه ويعرف تأريخه ويعشق حضارة بلده الأزلية .
'نـصارى الموصل' -- الذين يصفهم هذا الكاتب ، الغريب عن العراق وأهله ، بهذه التسمية ويحرّض بطريقة مباشرة وغير مباشرة على قتلهم وتهجيرهم من بلدهم ويتطاول على مَن يستهجن إبادتهم ويدين جرائم القتل والتهجير بحقهم ويصف الكتـّاب العراقيين المسلمين المدافعين عن أهلهم المسيحيين بـ'أولاد الأفاعي السفلة وعديمي الضمير' وكتاباتهم التي يدينون بها كل أشكال الإرهاب بـ'نباح الكلاب' -- هم عـراقيون أصليون قبل أن يكونوا مسيحيين ولا نسمح لدخيل أجنبي واغل كائن من كان أن يجردهم من عراقيتهم ويسميهم بـ'نصارى الموصل'. فهؤلاء عراقيون قد ولدوا وعاشوا في العراق قبل أن يحتله البدو الأجلاف في غفلة من الـزمن الأجرب ويبـيدوا أهله الأصليين ويستحلوا نساءه ورجاله ويبيعوهم في سوق العبيد.
هؤلاء 'النصارى' هم عـراقيون أسّسوا أمبراطوريات عظيمة وسنـّوا أول قانون للإنسان واخترعوا العجلة وقسّموا الوقت وجعلوا له ساعة تدور في الليل والنهار وزرعوا الأرض ورسموا الحياة بألوان جميلة كجمالهم العراقي الأصيل قبل أن تصبح للعـربان دولة بآلاف السنين وقبل أن يصبح لهم دين بعدما كانوا يصنعون آلهتهم من التمر ليعبدوها وينكحوها وإذا جاعوا أكلوها وشربوا بعدها بول البعير.
هؤلاء 'النصارى' ــ كما يسميهم ــ بنوا وشيدوا أقدم وأعظم وأهم حضارات الأرض المنكوبة بأمثال هذا الكاتب وقدموا للبشرية القـراءة والكتابة والعلم والحضارة والمعرفة وعلـّموا الإنسان ما لم يكن يعلم وجعلوه يكتب مقالاته الطائفية التحريضية على كيبورد 'نصراني' ويجلس خلف شاشة 'نصرانية' يتواصل من خلال كمبيوترها 'النصراني' مع أبناء الأرض في المشرق والمغرب الذين يحرّض أمثال هذا الكاتب على تفرقتهم وتسميتهم بأسماء طائفية وطردهم من وطنهم الأم.
هؤلاء 'النصارى' هم آشوريو العراق وكلدانه وأزهار حديقته الجميلة المقدسة. منهم بعث الله جميع الأنبياء والمرسلين والصديقين والمصلحين ، ومن أرضهم الطاهرة خرج نوح وابراهيم وأيوب ويونس وموسى وعيسى ومحمد الذي انقلبتم على رسالته الخاتمة وشوهتم دينه بالإرهاب وجعلتم أمته المسكينة أضحوكة الأمم ومهزلة العالمين بفتاوى الفئران وإرضاع الكبير وتفخيخ الناس وذبحهم.
هؤلاء العراقيون 'النصارى' بدينهم السماوي تدين على حرفٍ وأنت لا تدري وبقلمهم تكتب وعلى أرضهم تعيش وباختراعاتهم تـتـنعم وعلى صناعتهم تنام وتجلس وتجامع زوجاتك الأربع ومن انتاجهم ومحصولهم تأكل وتشرب ، فلمَ تكرههم وانت كأي عربي عالة بوجودك عليهم بكل ما تحمل كلمة العالة من معنى في هذا الزمن الذي يستعد فيه 'النصارى' وغير 'النصارى' للهجرة الجماعية هربا من إرهابك وعنصريتك إلى كواكب الدنيا الأخرى وتركك وحيدا تبحث في تراب الأرض باظافرك الطويلة فلا تجد ظلا لوجهك العابس وإن وجدتَ فسوف تقتله قربة إلى الله؟
هذا ما قدمه أبناء العـراق 'النصارى' للبشرية ، فماذا قدمتم أنتم يا عرب يا سنة ويا شيعة سوى الخراب والإرهاب والجهل والتخلف وذبح الناس على طريقتكم الإسلامية البربرية المتوحشة؟