كل الطرق تـؤدي الى دم كامل شـياع
(1) من قصيدة للشاعر جبار المشهداني عن كامل شياع
رياض النعماني 24/08/2009
من اين الدخول الى برهة الخراب التي صارت وطناً ينهب بطريقة تفتقر حتى الى إنحطاط النذالة..خراب يتسع كل يوم وفي كل يوم تراه ينحدر آخذاً معه كل شيء في هذه البلاد وبحركة عصف شرسة وشرهة، الى هاوية لاتتوقف عن الذهاب أعمق فأعمق في ظلام ومجاهيل المجهول الارضي البعيد.
هذه البلاد.. هي المعجزة
هي التي ترقص العاصفة - كفرس الاعراس – على حبل دقيق يمتد بين مستحيلين وأبدين لايتكرران وبأيقاع وانسجام نادر يتجاور فيهما الجمال والقبح.
الفساد والشرف..الحرامي والفنان..السياسي التافه،
اللص مالك العمارات الكثيرة بالمال الحرام، والشاعر او الانسان النظيف الذي لم يلوث يده او ضميره أو فكره.. المثقف المضحي والمثقف الهش الباحث عن لحظة ينال فيها نعمة الوقوف على عتبة السلطان كي يكون مديراً عاماً أو سفيراً وفي مستوى من الحياة فضحه موت كامل شياع ببيان دم فصيح.. والسؤال الطبيعي والتأريخي الذي يثار..لا.. لماذا قتلوا كامل شياع؟
بل لماذا تأخروا في قتله.. وهو أسير لديهم، يداوم كل صباح – مثابراً في وظيفته التي كان يستقتل في الاخلاص بأدائها على أحسن وجه واتم سريرة..(لقد كان متاحاً امامكم)..(1)
وهم في ظلام لايحتمل ترافة ضوئه الذي أشعل الابيض في قلبه ورأسه.
واليوم..فأن كل الطرقات تؤدي الى المكان الذي قتل فيه كامل..المكان الذي اشاعه موته في جميع الامكنة، فحوله الى ما يشبه البرزخ او الفنار.. كل الطرقات والحوادث تؤدي الى دمه.. وخطوط دمه جميعها تؤدي الى شبكة العنكبوت الرهيبة والهشة في ذات الوقت، فليس هناك في المخلوقات من هو اكثر جبناً وهشاشة ورعباً من قاتل يتخفى وراء كاتم الصوت، ويتخفى وراء الظلام او شمس ظهيرة تفصل دمه بين نقطتي حراسة لم تحرس وطناً ولم تدافع عن عذاب الناس ولم تخرج الى الشارع لتقل كلمتها في نهب البلاد وسرقة الشوارع وتزوير الحياة... مثقف العراق مطالب اليوم ليس بتذكر نستولوجي لكامل شياع.. بل بإعلان دمه تاريخاً وموعداً للبحث عن، حقيقة قتله، وحقيقة القتلة.. باسمائهم وتواريخهم والجهات التي دفعتهم الى ارتكاب هذه الجريمة وليس البحث عن فرصة للقاء المسؤول الحكومي الذي تواطأ على دم كامل شياع.
تراث عراقي يهودي يتجدد في اسرائيل
24/08/2009
الجيران _بي بي سي : المغني الإسرائيلي دودو تاسا يحمل في الأصل اسم جده، داود الكويتي، والذي كان مع أخيه صالح الكويتي من ملحني الصف الأول في عراق الأربعينيات، هكذا أخبرني حين سألته عن معنى اسمه.
هو نفسه الآن موسيقي ومغن راسخ القدمين في اسرائيل، له موسيقاه واغانيه الخاصة، لكنه يبقى مميزا بهذا الخليط الموسيقي بين ألحان جديه العربية، وبين الألحان الحديثة.
ولهذه العلاقة، الفنية، مع جديه قصة.
جداه هاجرا إلى إسرائيل عام 1951 وهما في أوج شهرتهما، لكن حالهما هناك لم يعد كما كان.
فالملحنان اللذان كانا قريبين من البلاط الملكي لم يكونا في اسرائيل اكثر من عازفين مغمورين يعزفان في المقاهي والحفلات والأفراح، ويعيشان بالقرب من سوق شعبي في مدينة تل ابيب.
وبالاضافة الى ذلك، كانت الأسرة التي تعيش في مجتمع جديد عليها، وفي حالة حرب مع الدول العربية المجاورة، تخجل من انتمائها للثقافة العربية، احيانا، يقول دودو "كنت أرى أمي تشغل بعض موسيقى جدي وتبكي الى جوارها".
دودو نفسه لم يكن يستمع إلى موسيقاهما في طفولته، "في الوقت الذي جاءت عائلتي الى هنا كانوا يخجلون من الاستماع الى موسيقى عربية ولذلك أخفوها، أمي كانت حتى تخجل من كونها تتحدث العربية".
لكن دودو، على عكس ما أراد الأهل، بدأ منذ الخامسة عشرة ينقب في موسيقى جده.
ثم أعاد توزيع بعض هذه الأغاني موسيقيا، وغناها بنفسه، رغم انه لا يتحدث العربية على الاطلاق، ويسأل عن معاني ابسط كلماتها كلما التقطت أذنه كلمة أثناء حواري مع المترجم، بل ويسألني عن معاني كلمات مما غناه.
واكثر من ذلك يشترك مع افراد من الأسرة في مشروع لجمع تراث جديه وإحيائه، وهي ليست مهمة يسيرة.
فإذا كان الأخوان الكويتي حين وفاتهما (داود عام 1976 وصالح عام 1986) مغمورين، فإنهما الآن، بالنسبة للأجيال الجديدة، خارج دائرة الذكر.
وظهر هذا بوضوح حين نجحت جهود الأسرة في اقناع بلدية تل ابيب بتسمية شارع صغير في المدينة باسم الأخوين الكويتي، حيث اعترض سكان الحي على تسمية الشارع باسم عربي.
فكانت المهمة التالية للاسرة، بعد اقناع البلدية، هي تعريف السكان بأهمية الأخوين الكويتي.
ثم صور المخرج الإسرائيلي جيلي جاعون فيلما وثائقيا عن الأخوين الكويتي بعنوان "الكبرياء المفقودة".
لكن ما ينقص دودو تاسا الآن هو أن يرى جده، وهو يطلب ممن لديه اشرطة فيديو لداود الكويتي أن يساعده في جمع تراث هذا الفنان العراقي.