]انفجارات بغداد تقوض الأمن الزائف
داوود الفرحان : : 2009-09-03 - 16:45:41
انفجارات بغداد تقوض الأمن الزائف / داوود الفرحان
بعد أسبوعين من انفجارات ما وصف بأنه' يوم الأربعاء الدامي' في بغداد الذي أدي إلي مقتل وإصابة أكثر من ألف عراقي, لم تستقر التصريحات الرسمية والأمنية علي تحديد هوية الجناة الذين نفذوا العملية والجهات التي تقف وراءهم.
وكالعادة أطلق رئيس وزراء المنطقة الخضراء نوري المالكي والقادة الأمنيون التابعون له اتهاماتهم المعتادة والمملة والسخيفة, عن ضلوع' القاعدة وأزلام النظام السابق' في الجريمة التي طالت أحياء مدنية إلي جانب وزارتي المالية والداخلية ومجلس الوزراء ومجلس النواب, وجسرا رئيسيا للسيارات' هاي واي' يخترق بغداد من شمالها إلي جنوبها.
وانقسم مجلس النواب بين تكرار الاتهامات الحكومية للقاعدة والبعث وبين توجيه اتهامات صريحة إلي أحزاب السلطة الموالية لإيران, مثل المجلس الطائفي الأعلي من جهة وحزب الدعوة الطائفي من جهة أخري, ضمن لعبة تصفية الحسابات بين قطبي الائتلاف الطائفي الحاكم.
وكان منظرا لافتا للنظر وغير مألوف أن يتمشي وزير الخارجية الكردي هوشيار زيباري وسط أنقاض وزارته التي تحرسها قوات البيشمرجة الكردية, وهو لم يتردد في اتهام الحكومة بأنها تتحدث عن أمن زائف وتدلي بتصريحات متفائلة أكثر من اللازم بقدرتها علي ملء فراغ قوات الاحتلال الأمريكي.
وقد فقدت وزارة الخارجية التي تقع علي طرف المنطقة الخضراء32 موظفا من منتسبيها في الانفجارات, بينهم دبلوماسيون بالإضافة إلي ما قيل عن إصابة وكيل الوزارة بجراح خطيرة. وهو أمر لم يحدث منذ حادث تفجير المقر الرئيس للأمم المتحدة في بغداد في أغسطس.2003
لكن ما فعله زيباري من جولة علي الأقدام في موقف الانفجار لم يجرؤ رئيس الوزراء أن يفعله, مع أنه كان يجب أن يفعله مواساة لأهالي الضحايا وإثباتا لما يزعمه من استعداد لتحدي' الإرهابيين'. واكتفي المالكي بالهجوم علي من سماهم' المتشددين السنة' دون أن يقدم أي دليل علي صحة هذه الاتهامات المجانية. وسبق له أن وجه اتهامات مماثلة ليس لها أي سند إلي المملكة العربية السعودية, بدعم' الإرهاب' في العراق مع أن السعودية هي من أبرز ضحايا الإرهاب. وطالت الاتهامات الحكومية الطائفية كلا من سوريا والأردن ومصر إلي جانب السعودية بالزعم أنها تدعم المنظمات المسلحة المناوئة للعملية السياسية والحكومة الحالية.
واضطر المالكي إلي التراجع عن قرارين سبق أن اتخدهما وطبلت لهما أجهزة دعايته وهما رفع الكتل الخرسانية من شوارع وميادين بغداد حيث قرر إعادة ما تم رفعه منها.. بل وزيادتها, بالإضافة إلي طلب المساعدة العسكرية المباشرة من قوات الاحتلال الأمريكي التي انسحبت قبل شهرين من مراكز المدن إلي ضواحيها. وبذلك عاد الوضع الأمني إلي المربع الأول, وهو الوضع الذي طالما تمشدق المالكي بأنه استطاع أن يحوله إلي استقرار أمني لم يسبق له مثيل منذ دخول قوات الاحتلال.
لقد احتلت قوات الجيش والشرطة الحكومية بغداد بعد وقوع الانفجارات لتقول للمعارضين' نحن هنا'. وكان الرأي العام العراقي قد تداول بسخرية قبل ذلك بأيام ضلوع عناصر الجيش والشرطة وحماية رئاسة الجمهورية في عملية سطو مسلح كبري علي أحد فروع مصرف الرافدين في قلب بغداد, مما أدي إلي قتل ثمانية من حراسه. وقد نقل المواطنون علي لسان اللصوص الحكوميين قولهم بعد سرقة أكثر من ستة ملايين دولار:' نحن هنا' أيضا! لكن العملية كلها انكشفت وتمت استعادة الأموال المسروقة واختباء زعيمي الجريمة في مقر المجلس الطائفي الأعلي الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم الراقد علي فراش الموت في طهران بسبب السرطان.
الانفجارات وقعت. والضحايا انضموا إلي قوافل الضحايا منذ مجيء الاحتلال. والحكومة الفاسدة شنت حملة اعتقالات عمياء. لكن عجلة العنف مازالت مستمرة.