chris مشرف
عدد المساهمات : 439 تاريخ التسجيل : 13/08/2009
| موضوع: كذِبتَ فلا تقلْ كذِبَ الرّصافي الثلاثاء سبتمبر 15, 2009 4:18 pm | |
| كذِبتَ فلا تقلْ كذِبَ الرّصافي
رياض الحبيّب r_hbeyyib@hotmail.com الحوار المتمدن - العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 المحور: الادب والفن
أنجزت اليوم هذه القصيدة- من بحر الوافر- مستوحاة من كتاب “الشخصيّة المحمّدية أو حلّ اللغز المقدّس” لمؤلفه أديب العراق العظيم معروف الرّصافي- رحمة الله عليه- في ضوء فهمي لشخصيّة الرّصافي وكتابه وردّاً على كلّ من اٌتّهمه بالكذب. وقد عَلِمَ الرّصافي مسبقاً وقبل رحيله بأن كتابه المذكور سينال رضى بعض الناس ويغيظ غيرهم، لكنّه مقتنع تماماً بأنه قد أرضى الحقيقة حتى ارتاح وأراح ضميره قبل انتقاله إلى رحاب الله.
وأتشرّف بنقل خاتمة كتابه كما هي بخطّ يده الكريمة: ((... أصبحت لا أقيم للتاريخ وزناً ولا أحسب له حساباً لأني رأيته بيت الكذب ومناخ الضلال ومتشجم أهواء الناس، إذا نظرت فيه كنت كأني منه في كثبان من رمال الأباطيل قد تغلغلت في ذرات ضئيلة من شذور الحقيقة.
ولئن أرضيت الحقيقة بما أكتبه لها لقد أسخطت الناس عليَّ، ولكن لا يضرني سخطهم إذا أنا أرضيتها، كما لا ينفعهم رضاها إذا كانت على أبصارهم غشاوة من سخطهم عليّ، وعلى قلوبهم أكنة من بغضهم إيّاي.
فإن قلت أيها القارىء الكريم من يضمن لك إنك ترضي الحقيقة؟ وهل رضاها عنك فيما تكتبه هنا إلا دعوى مجردة. قلت كفى بحرية الفكر ضامناً لي رضاها وما علي في نجاح هذه الدعوى مني وصدقها إلا أن أفتكر حُرّاً وأكتب حراً فإن أصبت ما أردته لها فقد أرضيتها، وإن أخطأت فلي ما يعذرني عندها من أنني لا أقصد إلا رضاها ولا أنحاز إلا إلى جانبها. وإذا كنت لا أتبع هوى النفس فيما أكتبه عنها فما أنا بمسؤول عمّا لا طاقة لي به منها.
أما سخط الناس من أجل أنني خالفتهم لوفاقها وصارحتهم في بيانها جرياً على خلاف ما جروا عليه من عادات سقيمة وتقاليد واهية فلست مبالياً به ولا مكترثاً له. وإني لأعلم أنهم سيغضبون ويصخبون ويسبّون ويشتمون، فإن كنت في قيد الحياة فسيؤذيني ذلك منهم، ولكني سأحتمل الأذى في سبيل الحقيقة وإلا فليس لي أن أهتف باسمها ولا أن أدّعي حبها كما يدعيه الأحرار، وإن كنت ميتاً فلا ينالني من سبابهم خير كما لا ينالهم منه خير فإنّ سبّ الميت لا يؤذي الحيّ ولا يضرّ الميت، كما قال محمد بن عبد الله عظيم عظماء البشر.
فلوجة 5 تموز 1933، معروف الرصافي))
--------------------------
كذِبتَ فلا تقلْ كذِبَ اٌلرّصافي *** بمنطقكَ المُضلِّل واٌلخرافي
فتىً فضحَ الخفيّ وكان لُغزاً *** بشرْحٍ مُتقنٍ عَذبِ اٌلقوافي
فجرّد مِنْ رسالتِهِ رسولاً *** يرى الأشباح في ثوب اٌلزفافِ
رسول الشرّ ناقض كلّ عقلٍ *** بوحْيٍ منْ أبالسة عِجافِ
يُقالُ لهُ أعندك من جديدٍ؟ *** يَرُدّ بغَيْبِ علّام اٌلخوافي
وليس له سوى نهْبٍ وسَلبٍ *** وسَبْيٍ بين تقطيع اٌلخِلافِ
وضرْبِ رقاب أهل الحقّ طُرّاً *** وفرْضِ الباطلِ الهشّ اٌلمُنافي
لكلّ سماحةٍ ولكلّ رأيٍ *** ينادي بالمحبّة واٌلعفافِ
عرفنا الوحْيَ ينزلُ من سماءٍ *** فما سرّ الذي تحت اٌللِّحافِ؟
كذِبتَ فلا تقلْ كذِبَ اٌلرّصافي *** وفي القرآن مليون اٌختلافِ
لقد بحث الرّصافي في تراثٍ *** إذا اللغزُ المقدّس غيرُ خافِ
نآى بالفكر عن قالٍ وقيلٍ *** وآثرَ أنْ يعيش على اٌلكفافِ
وفي الفلّوجة الدنيا لهيبٌ *** فلمْ يخترْ سوى بيت اٌعتكافِ
ليقرأ في المراجع وهي نزْرٌ *** لديهِ وبعضها كافٍ وشافِ
كإخراج البخاري والسّيوطي *** وفي الحلبيّة التفصيلُ وافِ
وما أدراكَ بالآياتِ ممّا *** هضمتَ ونبْعُ فِقهِكَ من جَفافِ
هلمّ إلى كتابٍ فيه نفعٌ *** ولا تحكُمْ عليهِ من اٌلغلافِ
كتابٌ حَلّ لغزاً تِلو لُغزٍ *** وقد فصَلَ السماءَ عَنِ اٌلفيافي
وحدّثنا فلانٌ عن فلانٍ *** إلى زمن الصحابة باٌصطفافِ
روَوا عمّا رأوا منْ موبقاتٍ *** وأصغوا للحديث كما اٌلخِرافِ
إنِ اٌتفقوا على رأيٍ فهذا *** دليلٌ لا غبارَ عليهِ كافِ
أوِ اٌختلفوا فحَيْرَتهمْ سبيلٌ *** إلى كلّ اٌجتهادٍ واٌنصرافِ
لأنّ النسْخَ في الآياتِ يعني *** مِزاجاً قد تغيّر غيرَ صافِ
فرَبّ محمّدٍ يسعى إلى ما *** يُريدُ وكان جبريل اٌلصّحافي
يُسارعُ كي يُلبّيَ كلَّ دَرْبٍ *** لنزوة قلبهِ دون اٌنحرافِ
فلا المنسوخ إلّا رَفعُ عَتْبٍ *** ولا المنسيّ إلّا للتلافي
ولو عثمانُ يرضى بالمخازي *** لما حَرَق المصاحفَ باٌعتسافِ
كذِبتَ بقول تقديسٍ لحَرْفٍ *** كلامُ الله جلّ عنِ اٌلزِّحافِ
فلم يُخضِعْ فواصلَهُ رَويٌّ *** ولمْ يبدأ بصادٍ أو بقافِ
ولا تحتاجُ للفيزياء حتّى *** تصدّقَ أو تدوخَ على اٌكتشافِ
وقالوا للرياضيّاتِ دَخلٌ *** عسى ترقى العقولُ إلى اٌلتعافي
قرونٌ قد مضتْ والجهلُ ولّى *** سوى الأديان ليتَ على اٌئتلافِ
على دين وحيدٍ ليسَ جَمْعاً *** ليختلطَ الكحولُ مع اٌلسّلافِ
هما أمرانِ إمّا الحيّ أبقى *** لخطفِ حظيرةٍ أيّ اٌختطافِ
وإمّا ميّتٌ وعذابُ قبرٍ *** وتلكَ فضيحة السّمّ اٌلزّعافِ
وإلّا فاٌبتعدْ عن أيّ دِينٍ *** ولا تسمحْ لعقلكَ باٌنجرافِ
حرامٌ أنْ يضيعَ الوقتُ نفياً *** لبعض مجازر البيضِ اٌلخِفافِ
لسفّاحٍ قضى عَقدَ اٌنتقامٍ *** بدينٍ قد تهرّأ باٌنكشافِ
فلا آياتهُ تروي غليلاً *** ولمْ تحظَ الرّسالة باٌعترافِ
بل السيف الذي أبلى بلاءً *** مُسيئاً للورى والبحرُ طافِ
بأمواج الدّماء فأيّ دينٍ *** يُبيحُ الموت كأساً لاٌرتشافِ
لتنقلبَ الحياة بهِ جحيماً *** وتشتاق النفوسُ إلى اٌنتصافِ
لقد بَلغَ الزّبى سَيْلٌ رهيبٌ *** وأقلامُ الأباة إلى اٌرتجافِ
ويا محبوبتي شقّي حِجاباً *** ظلاميّاً جباناً لا تخافي
لقد عَفتِ الدعاوى والفتاوى *** وقدْ خسِئتْ وما فتِئتْ توافي
حياة تحرّرٍ أسمى وتبقى *** أعزّ على الفؤاد مِنَ الشّغافِ | |
|