[size=16pt]العراق بلا كفاءات : أمة شتات يحكمها غزاة وشقاة !
الدكتور عمر الكبيسي : : 2009-07-24 - 10:21:24
العراق بلا كفاءات : أمة شتات يحكمها غزاة وشقاة !
د.عمر الكبيسي
في عمان العاصمة الأردنية تعودت ان احضر مجالس العزاء العراقية والتي اعتاد العراقيون على حضورها بشكل مكثف حيث لم يعد يجمعهم فيها بكل أطيافهم و مكوناتهم الا هذه المجالس والفواتح؛ على النقيض من حفلات الزواج و الاعراس والتي يتم حضورها بدعوات خاصة يحضرها الاصدقاء والمقربون ويهتم بالبذخ عليها الاغنياء والميسورون والمغتربون؛ حفلات كهذه لم تعد تجتذبني؛ بينما تجد في مجالس عزاء المهجَّرين معاني المواطنة والمواساة واداء الواجب وحديث المحنة والشد والحنين للتربة والارض والوطن؛هكذا شعور ينتاب الجميع ويدخل في قلوب اهل المصاب شعور بالمشاركة وسلوى المصاب بشكل ملموس يفوق احساس مجالس العزاء والفواتح داخل الوطن.
كان عليََّ ان احضر في يوم واحد الاسبوع الماضي ثلاثة مجالس عزاء عراقية بصحبة جمع من الاصدقاء؛ ما يثير الإنتباه ويبعث في النفس شعور من الضنك والالم هو ذلك الجمع الهائل من الكفاءات العراقية والخبرات المهنية والصناعيين والمهندسين والاطباء والاساتذة الجامعيين والعلماء والخبراء والمدراء والقادة والضباط ورجال الاعمال والرموز الوطنية ووجهاء العراق الذين التقيتهم ورأيتهم في هذه المجالس!.حتى لا تكاد ان تصّدق ان كفاءة واحدة بقيت في العراق!!.وكان السؤال الذي يراود النفس: من بقي اذاً في العراق؟.
لقد شاهدت مثل هذه الكفاءات ومثل هذه الوجوه في مجالس عزاء دمشق ودبي وابوظبي والشارقة وفي لندن اثناء تواجدي في هذه العواصم ! ما الذي يحصل !.في حين وانا صادق بما اقوله دفن لنا في بغداد اطباء لامعون ورموز بارزون كان مشُّيعوهم يعدون باصابع اليد الواحدة .
أعداد القادة والضباط يديرون فيلقا واعداد الاساتذة من الاطباء يشكلون ملاكا لكلية طب؛ وكذا الشأن بالنسبة للصيادلة والزراعيين والنفطيين والعلماء والباحثين والمهندسين والجامعيين وينطبق ذلك على التجار والتصنيعيين والشيوخ والوجهاء والقول ينطبق على مثلهم في سوريا ومصر ولبنان وانكلترا واميركا ودول مهجر عديدة.
كم انت ياعراق غزير بنتاجك؛كبير بمواهبك ؛غني بعطائك ؛عظيم بنعمائك وثرواتك ؛موهوب بقدراتك ورجالاتك.
كل واحد ممن التقيت ثروة لاتثمن ؛ وموهبة لا تتكرر ؛ وخبرة لا تقدر او تقيّم ومثلهم كثير قتلوا؛وكثير تقاعدوا ولزموا بيوتهم وهمّشوا؛وكثير استوطنوا ولجأوا واغتربوا ؛وما زلت ياعراق وانت تنزف و انت تحترق وانت تسرق وتباع ؛مازلت باقٍ عنيد تطاول وتكابر وتتحدى وتقاوم؛سبع عجاف قاسيات من السنوات ؛كوارث الموت والعنف والأرهاب والجريمة والمرض ؛ نكبة الماء والكهرباء والمجاري والمستشفيات والغذاء والدواء ؛وتعدادك يتزايد وصبرك لا ينفذ وروحك تتجذر وشموخك يتطاول ومقاومتك تبعث الامل.
دولة استهدفت وجيش حل وحدود فتحت ومصانع اغلقت ومزارع يبست وانهار جفت وعقول هاجرت وكفاءات استنفذت ! وارواح ازهقت واموال نهبت ومدارس احتلت واشباح نصبت واقاليم شكلت وانت باق ياعراق !
جريمة ان تحترق وجريمة ان تنهب وجريمة ان تهدم وجريمة ان تتوقف فيك الحياة ويعبث بك الموت وجريمة ان تغزى وان تحتل وجريمة ان يعيث بعلمك وبنائك واهلك وشعبك المحتلون ويتصدرك الجهلاء والفاسدون ويهجرك البناة والكفاءات والثقاة !.
والله يامن نصبتم انفسكم حكاما ونوابا ووزراء ومدراء؛ لن يستعيد العراق صحته ولن تبنى بنيته ولن تستثمر ثرواته ولن يشفى من سقمه ونكبته إلا بكفاءاته وعلماءه ومهاراته وخبراته ؛ ومادامت كل هذه الوجوه التي التقيتها والكفاءات التي شاهدتها هنا في عمان وهناك في كل صوب وحدب من اقطار الدنيا وعواصمها في الشتات؛ فان العراق امة بلا كفاءات دمرها الغزاة وحكمها الشقاة ؛ولكن هيهات هيهات؛ ففي العراق أباة ؛ وان يوم النصر آت وحينها فقط ستعود الكفاءات وسيشمر عن سواعدهم البناة وتعود للعراق الحياة.
12 تموز 2009 عمان .
100م[/size]