تذيلت قضية التغيرات المناخية قائمة تضم أخطر 20 قضية تواجه البشر، وذلك في استطلاع للرأي أجري على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف رصد ردود الفعل حيال تهديدات الخبراء من أخطار الاحتباس الحراري على الأرض، ورأى غالبية الأمريكيين أن هذه القضية وإن كانت مهمة، فإنها لا تشكل تهديدا حقيقيا عليهم كقضايا مثل الاقتصاد والإرهاب مثلا، وهو ما وصفته الرابطة الأمريكية لعلماء النفس بأنها أسباب نفسية في المقام الأول.
وفي تحليل لأسباب هذا العزوف النفسي رأى الباحثون بالرابطة الأمريكية لعلماء النفس أن كلا من انعدام الثقة، والاستخفاف بالمخاطر، وعدم وجود رقابة، والخضوع للعادات والموروثات.. عوامل جعلت غالبية الأمريكيين لا يؤمنون بأخطار التغير المناخي على الأرض، ومن ثم لا يفعلون شيئا إيجابيا يذكر من أجل البيئة.
ونشر موقع "ساينس بلوج" الأمريكي في 7 أغسطس 2009 تقريرا إخباريا عن الدراسة الموسعة التي أجرتها الرابطة الأمريكية لعلماء النفس بالتعاون مع مركز
"بيو" Pew للأبحاث، بينما نشر النص الكامل للدراسة المكونة من 250 صفحة بالتزامن في
موقع الرابطة على الإنترنت.
من جانبه، اتفق د.عمرو أبو خليل استشاري الطب النفسي بمصر مع نتائج الدراسة، لكنه قال إن تلك الأسباب النفسية ربما تنطبق على المجتمع الأمريكي على اعتبار أنه يحاول بشتى الطرق أن يرصد مدى مشاركة الأشخاص العاديين في الحفاظ على البيئة، لكن في عالمنا العربي "نحن نفتقد إلى الحس الجمالي من الأساس"، على حد قوله.
وأضاف لـ"إسلام أون لاين.نت" قائلا: "انظر على سبيل المثال.. هناك الكثير من الأراضي الزراعية والأشجار تخرب من أجل بناء مجمعات سكنية"، وهذا يتنافى تماما مع القواعد البيئية السليمة، كما أن مداخن المصانع تعمل 24 ساعة متواصلة ولا رقيب؛ لأن هناك حالة سلبية يعاني منها المواطن العادي، لأنه لا يدرك خطورة ما يحدث حوله.
ويحلل أبو خليل أسباب انتشار بعض مظاهر العنف لدى المواطن في العالم العربي، فيرى أن عدم رغبة المواطن في تحسين البيئة من حوله، عبر وجود مساحات خضراء، وانتشار أكوام القمامة بين التجمعات السكنية، نتج عنه على المستوى الشخصي العديد من السلوكيات العدوانية المنتشرة بشدة في مجتمعاتنا العربية ومنها الغضب والعدوانية على سبيل المثال.
واعتبرت الرابطة الأمريكية لعلماء النفس -التي تضم أكثر من 150 ألف باحث وأكاديمي من 60 دولة على مستوى العالم- أنه رغم تحذيرات خبراء البيئة مرارا من أخطار التغيرات المناخية على الأرض، فإن الشخص العادي يجد نفسه بمعزل عن تلك التحذيرات رغم إدراكه خطورتها، وقد يتعامل معها ببطء، وبالتالي لا يجد العلماء أدنى تقدم تجاه الأفعال البشرية التي تفاقم الظاهرة.. فهل هذا التعامل السلبي تجاه القضية يرجع إلى عوامل نفسية؟
سؤال عكف على إجابته فريق بحثي من الرابطة الأمريكية لعلماء النفس على مدى عقود عبر نشر فرق علمية تجوب مناطق متفرقة من الولايات المتحدة شملت 3000 شخص في 20 بلدا مختلفا، بهدف رصد السلوك البشري أو ما يطلق عليه الممارسات البشرية حيال ظاهرة الاحتباس الحراري، ومدى تجاوبهم تجاه تحذيرات العلماء.
وأظهرت الدراسة أن حوالي 75 إلى 80% ممن شملهم الاستط
لاع يرون أن تغير المناخ قضية هامة، لكنها جاءت في المرتبة الأخيرة في القائمة التي ضمت 20 قضية ملحة في العالم، في حين تصدرت القائمة قضايا كالاقتصاد، والإرهاب، والأوبئة والأمراض المزمنة، وأمن الطاقة، والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، والفساد، والتجارة غير المشروعة، والحوار بين الإسلام والغرب، والتصدي للكوارث الطبيعية، والأمن الغذائي، والطاقة البديلة، وأمن المياه، وتدهور النظم البيئية.