يعد سوق الصفارين او الصفافير في اللهجة الشعبية البغدادية واحدا من ابرز معالم بغداد ويوصف سوق الصفارين احد نوافذ بغداد بضياء النحاس ما جعلها قبلة السياح الأجانب القادمين الى العراق لما اشتهر به السوق من تحف ومعروضات نحاسية مختلفة
بيد ان صناعة هذا السوق تعرضت الى التدهور بسبب الحروب واعوام الحصار ما ادى الى تسرب العديد من حرفيي السوق واقتصاره على محال محدودة وهجرة انتاجه الى اسواق اخرى في بغداد منها شارع سلمان فائق
ترجع تسمية السوق بهذا الاسم نسبة للنحاس (الصفر) حيث يشتهر هذا السوق، الواقع بالقرب من شارع الرشيد في مدينة بغداد، بصناعة الأواني المنزلية وأباريق الشاي والكاسات والملاعق وإطارات الصور والفوانيس النحاسية المنقوشة
وعلى خلاف الاسواق التي جاورته مثل شارع المتنبي او سوق الوراقين (سوق السراي) وسوق البزازين وسوق العطارين (الشورجة)، وهي اسواق بنيت وسميت على اساس الحرفة، فان سوق الصفافير بني مع المدرسة المستنصرية كورشة تابعة لها لسد احتياجات مطابخ المدرسة من معدات ومستلزمات من أواني وقدور كبيرة وصغيرة وصحون وملاعق وكافة احتياجات المطابخ وكل الذين كانوا يعملون في ذلك الوقت قريبون من السوق من حيث السكن
ويقول الحرفيون في هذا السوق انهم مهددون بالانقراض لان بضعة محال فقط كانت مفتوحة ولكن بلا متبضعين ولا زوار في السوق الذي امتدت العتمة على جوانب كبيرة منه
وما يؤسف على السوق تحول عدد من محاله الى مطاعم او محال لبيع الاقشمة والملابس النسائية وسلع منزلية اخرى
المشهد الان في السوق اختلف كثيرا عن مشاهده القديمة التي تميز بها في عقود مضت كان خلالها ضاجا بأصوات النقش والأفران النارية والمتبضعين من العراقيين والأجانب
ويقول الصفار علاء النقاش احد اقدم الصفارين في السوق ان التجاوز على سوق الصفافير كان بسبب الدولة منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما اكلت الحرب جرف الحياة وقتلت صناعة الاواني المنزلية واقتصرت على التحفيات
اما الصفار ابو علي فقد القى باللائمة على المواطن نفسه الذي اهمل ارثه وظلم هذه المهنة وقال معتزا بما يصنعه من اوني النحاس (السائح الأجنبي فقط هو الذي يقدر قيمة المصنوعات النحاسية ويدفع فيها الثمن الذي تستحقه)
فيما يقول احد اقدم حرفيي السوق الحاج حسين عبد الزهرة المعروف بحسين النقاش كان السوق يعج بالمشترين وكنا نبقى حتى ساعة متأخرة من الليل وكان من بين المتبضعين الكثير من الأجانب ما جعل تجارة السوق تبقى نشطة على الدوام
حسين النقاش طالب وزارة الثقافة العراقية وكذلك امانة بغداد بالتدخل لحماية حرفيي النقش على النحاس من الانقراض
وقال ان هذا السوق هو احدى نوافذ تاريخ بغداد وان حرفييه ظلوا قلة يجب رعايتهم والاهتمام بهم وبحرفتهم التراثية الأصيلة
ولم يخف حسين النقاش تفاؤله بمستقبل مهنته التي قال انها بدأت تتعامل مع التصاميم المعمارية والجداريات الفنية والديكورات معربا في الوقت نفسه عن خشيته من تزاحمها مع التحف الصينية والهندية والتركية التي قال انها بلا معنى ولا تمتد لتاريخ العراق بشيء وقد اغرق السوق بها
ولا يزال السوق يمثل هوية بغدادية ونافذة تطل على عبق تاريخها فيما يطالب الصفارون فيه الحكومة بإنقاذ مهنتهم من الموت الذي زحف اليها منذ سنين طويلة حيث لم تصمد سوى بضع محلات من بين العشرات من المحلات والورش.