تكريمها من قبل الموريكس دور هذا العام عن عطاءاتها الفنية طيلة مسيرة حافلة بالنجاحات والتميز، لم يأت من فراغ ويكاد يكون أكثر الإختيارات منطقية في قائمة المكرمين الطويلة.
سميرة سعيد تعتبر واحدة من أبرز نجمات الغناء العربيات اللواتي برزن في فترة الثمانينات من القرن الماضي، وحافظن على إستمرارية فنية ناجحة على مدى ثلاثة عقود أو أكثر.
كانت بدايتها بداية قوية حيث عاصرت جيل العمالقة من الملحنين كبليغ حمدي، وعبد الوهاب، وسيد مكاوى، ومحمد سلطان، ومحمد الموجى الذين ساعدوها كثيرًا فى بداية مشوارها الفني، وكان لقاؤها بالملحن د. جمال سلامة نقطة التحول الكبيرة في حياتها حيث أنتجا معًا رائعتين تعتبران من أهم ما غنت حتى الآن (آل جانى بعد يومين) و (مش هتنازل عنك ابدا) ، وإستمرت بعدها بمسيرة نجاح تصاعدية لا تشوبها شائبة.
في هذه المرحلة عاصرت سميرة الفنانة القديرة وردة الجزائرية وكانتا تنتقلان معًا في وقت واحد لمواجهة مد الأغنية الشبابية الذي إكتسح الساحة الفنية في أوائل التسعينات متمثلاً بجيل جديد من المغنين الشباب كعمرو دياب ونوال الزغبي، فجربت كل من وردة وسميرة ركوب الموجة، ومجاراة متطلبات العصر، وردة نجحت لبعض الوقت، لكنها عادت وتوقفت بعد ذلك لأسباب صحية، أو ربما لأن إيقاع العصر كان أسرع منها فخلفها وراءه تعيش على أمجاد أرشيف غنائي عظيم.
بينما إستمرت سميرة ونافست وتفوقت في تقديم الوان شبابية جديدة حتى تمكنت من أن تكون Trend Setter وقدمت أنماطًا غنائية متطورة تحاكي الأغنيات العالمية، وباتت مدرسة فنية تقلد من قبل جيل الشباب.
كانت سميرة دومًا بعيدة عن الإعلام مقلة في لقاءاتها وقريبة من الجمهور بموسيقاها.. تعرف كيف تخلق لديهم حالة من الشوق الدائم اليها... وربما تعتبر من أذكى الفنانات العربيات المعاصرات، فهي تمكنت من الإنتقال برشاقة تامة من خانة المطربات الى خانة فنانات الـ "POP" دون إعتراضات تذكر، لتحاكي الأجيال جيلاً بعد جيل.
فنافست عمرو دياب ونوال الزغبي وكانت نداً قوياً لهما في فترة كانا يتسيدان فيها المشهد الغنائي في العالم العربي، وكانا يغردان وحيدين خارج السرب.
نجاح سميرة لم يكن على صعيد إختياراتها الموسيقية فقط، وإنما جاء تميزها على صعيد الصورة كذلك، فقدمت أعمالاً مصورة رائعة، في حينها ربما كان أبرزها كليب أغنية "ليلة حبيبي " التي حصدت نجاحًا كبيرًا.
سميرة المتجددة دائمًا وأبدًا قطفت نجاحًا آخر في البوم (يوم ورا يوم) الذى يحمل اسم الدويتو الغنائي الناجح بينها وبين الشاب مامي، وكان هذا الألبوم نقطة تحول جديدة في مسيرتها الحافلة.
وسعيًا وراء التجديد المستمر كانت في حالة بحث دائم عن الملحنين الشباب لتقديم ألوان غنائية مختلفة، ولتحقيق التجديد الدائم الذي تلهث ورائه.
سر آخر من أسرار نجاح سميرة هو حرصها على إختيار مواضيع أغنياتها وتقديمها صورة المرأة القوية الواثقة، هذا لا يعني بأنها لم تتطرق لموضوعات أخرى، لكنها كانت الأجرأ من بين فنانات جيلها في تقديم مواضيع لم يقدمها أحد من قبل. وربما تعتبر أغنية "أنا كتير عليك" في البومها الأخير "أيام حياتي" أكبر مثال على ذلك.
سميرة تعرضت للظلم إنتاجيًا في الأعوام الأخيرة، بعد الإنتكاسة التي تعرض لها المنتج محسن جابر، وبعد عزوفه عن تلميع نجومه وتقصيره في تحقيق الإنتشار والدعاية اللازمين لهم، فلم يأخذ هذا الألبوم والألبوم الذي سبقه حقهما من الإنتشار الذي يستحقانه.
فهي لم تصور حتى الآن من البومها الأخير سوى أغنية واحدة "حب ميؤوس منه" مع المخرج هادي الباجوري الذي قدم لها صورة متميزة جدًا، في وقت يتضمن البومها روائع أخرى عديدة تستحق التصوير والإضاءة عليها لتاخذ حقها من الإنتشار في عصر إن غابت فيه الأغنية عن الشاشة تدفن ولا تاخذ حقهما كما يجب.
وربما ما يتردد اليوم من أحاديث عن إمكانية إنضمام سميرة الى شركة روتانا يكون المنقذ لأعمالها المقبلة لتحظى بالدعم والإنتشار المطلوبين. ولكن حتى ذلك الحين من ينقذ عملها الحالي من الإندثار ويسهم في إنتشاره على نطاق واسع عربياً؟