دخلت مسرحية "بودي جارد" الموسوعة كأول مسرحية عربية يستمر عرضها للعام الحادي عشر على التوالي.. هذا الخبر لم يسعدني رغم أنه بالتأكيد يسعد "عادل إمام".
ربما تجد فيه دلالة مباشرة على النجاح التجاري الذي حققته مسرحية "بودي جارد"، وبالطبع فإن النجاح محسوب لجاذبية وجماهيرية بطل العرض المسرحي "عادل إمام".. ولهذا تستمر وللعام رقم 11، ولا تستطيع أن تجد في "بودي جارد" شيئا آخر سوى جاذبية "عادل".
التأليف "يوسف معاطي" مع "سمير خفاجي"، والإخراج "رامي إمام"، ولا تلمح أي وهج خاص في الكتابة أو الإخراج يمنح العرض مشروعية البقاء على خشبة المسرح كل هذه السنوات الطويلة.. نعم في أوروبا يمتد عرض بعض المسرحيات 40 عاما مثل العديد من أعمال "شكسبير" و"أجاثا كريستي"، ويتبدل الأبطال على العرض المسرحي لأن البطولة الحقيقية هي للنص وليست للنجم.
رصيد "عادل إمام" السينمائي يصل إلى 122 فيلما روائيا، بينما في المسرح إذا استبعدنا تلك الأدوار الصغيرة رغم أنها مهدت لما وصل إليه "عادل" من نجومية، فهذه المسرحيات محسوبة لنجومها الكبار أمثال فؤاد المهندس في "أنا وهو وهي"، أو أمين الهنيدي في "غراميات عفيفي" وغيرهما.. تستطيع أن تحصر مسرحيات البطولة التي قدمها "عادل إمام" بداية من "مدرسة المشاغبين" عام 1970 ثم "شاهد ما شفش حاجة"، و"الواد سيد الشغال"، و"الزعيم"، وأخيرا "بودي جارد"!.
خمس مسرحيات فقط
5 مسرحيات فقط لعب بطولتها "عادل إمام" خلال قرابة 40 عاما. لو قارنت ما الذي قدمه مثلا "محمد صبحي" خلال نفس المرحلة الزمنية تقريبا ستجدها حوالي 10 أضعاف حصيلة "عادل"، وهذا ما أتاح لصبحي أن يتنوع في أدائه، ولا يستمر عرضه المسرحي أكثر من عام.
نعم المسرحية التي يقدمها "عادل إمام" لا تستمر كل هذه السنوات لرغبة منفردة لعادل، لكن بإرادة الجمهور، هذه بالطبع حقيقة لأن الجمهور هو الذي يمنح العمر الطويل للعرض المسرحي.. الجمهور راضٍ و"عادل" راضٍ فلماذا يغضب بعض النقاد؟ لأننا نتحدث عن الرصيد الذي كان من الممكن أن يتركه "عادل" لجمهوره مسجلا وموثقا ومرصعا بالعديد من المسرحيات والشخصيات الدرامية التي يؤديها، ولأنه عندما يمتد عرض مسرحية 11 عاما فهذا يعني أن هناك 11 شخصية ضاعت على "عادل إمام" كان من الممكن أن يتقمصها وهو في هذه المرحلة العمرية. مسرحية "مدرسة المشاغبين" مثلا كان عمره عندما بدأها 32 عاما واستمرت 5 سنوات حرمنا من خمسة أدوار على أقل تقدير.. في كل عقد من الزمان تقريبا يقدم دورا واحدا.. بالطبع فإن "عادل إمام" على المستوى الإبداعي يعلم أن تقمص شخصية درامية جديدة يحتاج إلى جهد وطاقة ومعايشة وبحث عن تفاصيل، في حين أن العرض الممتد يريحه من 90% من كل هذا المجهود، كما أنه على المستوى المادي يتم اقتسام الإيرادات؛ الثلث لعادل إمام، والثلثان لصاحب الفرقة "سمير خفاجي".
"عادل" و"خفاجي" يكسبان أموالا، والجمهور يكسب ضحكات، لكننا نخسر فنا وإبداعا كان من الممكن أن يضاف إلى رصيدنا المسرحي المصري والعربي وإلى رصيد "عادل إمام" الشخصي، لكن من الواضح أن الكل لا يفكر إلا في زيادة رصيد البنك فقط