[size=16pt]الحزب الشيوعي العراقي ينظف ساحته من أوراق الخريف السياسي الساقطة
شيوعي وشيعي مفهومان متناقضان ومتعارضان على مدى تأريخ الحزب، رغم ان المفهومين متفاربان من ناحية الكتابة واللفظ لكن حرف( الواو) له دلالة كبيرة جدا وإيقاع مختلف بالمرة يمكن أن نستشفه من خلال موقعه ما بين(السماء والأرض) وشتان ما بينهما. ربما الأجيال الجديدة لا تستذكر موقف السيد محسن الحكيم من الحزب الشيوعي العراقي وكيف أفتى بتكفيرهم ومحاربتهم. وكيف كان المراجع وعلماء الدين في النجف وكربلاء يشكون من تيار هواء الحزب القوي الذي دخل بيوتهم من الشباك بعد أن اقفلوا أمامه الأبواب بأحكام! متجسدا بإنخراط أبنائهم في صفوفه، فطالبوا الزعماء السياسيين بالتدخل العاجل لوضع حدا لهذا المارد القادم الذي يهدد كيانهم وإمتيازاتهم ومصالحهم ولاسيما المادية. فهل يا ترى يصدق القول على زواج المتعة بين الشيوعية المنحرفة والمذهبية المتطرفة بأنه ( ما صداقة إلا بعد عداوة)؟
من المؤكد أن فرع الحزب( الشيوعي الأمبريالي المذهبي) المتمثل بموسى هو نسخة مشوهة من الحزب الشيوعي العراقي الأصيل, وإن علاقه موسى به لا تزيد عن علاقة قرد يتسلق شجرة موز يأكل منها ويرمي بقشورها على الأرض ليدسوها الآخرين ويتزحلقوا بها. من البديهي أن فروع النهر الصغيرة تفقد مياهها بسرعة عندما تنقطع عن الرافد الرئيسي أو تتحول الى مياه آسنة تعف النفس جيفتها وعفونتها وتجتمع على سطحها الطفيليات والأعشاب الضارة. هكذا كان حزب موسى ومصيره المحتوم، ومن المجحف أن يحمل إسم الحزب الشيوعي فهو حزب لا يحمل من الشيوعية إلا نسخة مستنسخة بشكل مشوه وغير مفهومة المعالم, لذلك حدثت الإنشقاقات المزلزلة بسرعة معقولة تتناسب مع مكانة الحزب وتتوافق مع إيقاعه النضالي المعروف, وتنسجم مع تأريخه المعروف، فقد إستنكر الشيوعيون الشرفاء هذا الحزب الأمبريالي المذهبي الهجين وتبرئوا منه, مؤكدين أن الحزب أصفى من أن تلوثه أيادي موسى وحزبه. وأن المستقبل القريب كفيل يجرف كل هذه الطفيليات القذرة التي تنتقل من خانة الأمبريالية إلى الإنتهازية إلى المذهبية، تسيرها المصالح الشخصية والإنتهازية. وفعلا شهدنا خلال الفترات الماضية مواقف وطنية مشرفة للحزب الشيوعي العراقي الأصيل تجسد إنتمائه الحقيقي للوطن والشعب, مواقف واضحة وراسخة مستمدة من إصالة الفكر، تناهض الأحتلال الأمريكي للعراق بوضوح وترفض وتقاوم مخططاته الامبريالية التوسعية وتؤمن بالمقاومة العراقية الباسلة وكفاحها المشروع لتحرير الوطن من دنس الغزاة. لقد إعاد الحزب كتابة شعاره(وطن حر وشعب سعيد) بعد أن تلاعب موسى بالحروف وحوله إلى" وطن محتل وشعب عبيد"!
بعد أن رفض الحزب الشيوعي المحاولات المشبوهة التي قام بها محمد فخري كريم زنكنة وكريم أحمد وعمر الشيخ لفصم الحزب الى فرع تجاري ملحق بعنوان الحزب الشيوعي الكردستاني, أدركنا ان الحزب يعرف أين يضع قدميه، وأنه لا ينجرف الى حقول الألغام بتلك السهولة التي توقعها زنكنة وحلفائه. وعندما قام الحزب بكشف حقيقة الكوادر التي نخر سوس الفساد والإنتهازية والمصلحية سقوف أدمغتها. قلنا بأن الحزب مازال ينبض بحب الوطن والشعب, وبأنه ثابت على أرض صلبة رغم قوة العواصف الرملية التي تعرض لها وألتي أعمت كل من يعاني ضعف في البصر والبصيرة. ففي رسالة من الحزب الشيوعي الى الأديب سماح أدريس رئيس تحرير مجلة الآداب اللبنانية بشأن الدعوة الإبتزازية التي أقامها ضده العميل فخري كريم جاء فيها" إن عزيز محمد وكريم أحمد وعبد الرزاق الصافي ليسوا من النزهاء والشرفاء حتى ينزهوا صفحة فخري كريم زنكنة, الذي يوصف بأوصاف يخجل المرء من ذكرها أمام الناس. ولكن عندما يصبح الإنسان عميلا وجاسوسا للصيهونية والإحتلال, ويقف ضد وطنه وشعبه، فليس هناك أخس وأحط في الوصف من هكذا مواقف وقضايا في حياة المرء وبالأخص السياسي, وهذا هو من أشد أنواع السقوط في الحياة. فكيف لنا أن نقبل تزكية وإنصاف ساقطين لساقط بكل المقاييس والاعتبارات"*3 .
من المعروف أن السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد تحول الى تمثال (الرجل الثلجي) بعد إنتهاء أعمال المؤتمر الخامس للحزب، وكلما تساقطت أجزاء من الرجل الثلجي بفل حرارة المناخ السياسي سارع فخري كريم الى لصقها وترميمه بقطع جديدة. ولا أحد يجهل أن فخري كريم أصبح مسشارا للرئيس الطالباني بعد أن داس بأقدامه القذرة على رفات شهداء مجزرة(بشتاشان) الذين قتلهم سيادة الرئيس الطالباني! والحقيقة أن الحزب قدم وصفا دقيقا لا يعلى عليه لشخصية سكرتير عام الحزب عزيز محمد بأنه " الحاضنة التي احتوت وأفرزت هذا الطابور الخياني في الحزب. مما جعلنا نطرد هؤلاء الخونة من الحزب بموجب القرار الصادر في 19 / 5 / 2007".
كما أن النظام الداخلي الجديد للحزب تضمن مواد في غاية من الأهمية تتناسب مع الأوضاع التي يعيشها العراق حاليا من جهة، ومع متطلبات المرحلة القادمة من جهة أخرى، وما تستلزمه من تلاحم وطني وشعور بالمسئولية تجاه الشعب ودعم للمقاومة العراقية الباسلة ورفض التعامل مع المتعاونين مع قوات الأحتلال، فقد نصت المادة التاسعة من النظام على نقاط جوهرية منها:-
1- إعتبار نهج وسياسة التعاون والإشتراك لهذة القيادة مع الإحتلال وحكومته ومؤسساته عملا مخالفا ومنافيا لسياسة الحزب الشيوعي العراقي الوطنية والقومية والأممية ولمبادئه ومنهجه النضالي في الكفاح ضد الاستعمار والإمبريالية.
2- إعتبار قيادة ( حميد مجيد موسى ) اللجنة المركزية ومكتبها السياسي هي المسئول الأول عن هذا الإرتداد والإنحراف والخرق لمباديء ونصوص النظام الداخلي للحزب.
3- لا تمثل هذه السياسة وبأي شكل من الإشكال وبالفترة الزمنية التي إشتركت وتعاونت بها هذه القيادة مع المحتل وحكومته العميلة من أنها سياسة لا شرعية للحزب الشيوعي العراقي والذي عرف بتاريخه كحزب وطني معادي للاستعمار وحروبه العدوانية.
4- إعتبار هذه القيادة قيادة عميلة وخائنة ومدانة بالخيانة العظمى للوطن والشعب، ومطرودة من الحزب.
5- طرد كل الكوادر والأعضاء من الحزب ممن لا يمتثلون إلى قرارات الحزب ونظامه الداخلي, وذلك بإعلان الرفض والبراءة من هذة القيادة العميلة ومنهجها السياسي والفكري المعادي لمصالح الشعب والوطن والحزب.*4
بهذه التوجهات الواضحة والنظام الداخلي الرصين الذي يفرز بين الحق والباطل وبين المواطنة والعمالة, وبين الإحتلال والمقاومة يمكن أن نجزم بأن الحزب الشيوعي العراقي قد نجح في أصعب إمتحان له، فقد إستطاع أن يسترجع التراث التأريخي الذي سلبه موسى وزمرته العميلة، وتمكن من وضع النقاط على الحروف. لقد نجح في مسعاه الجديد لأنه نظر نفسه في المرآة، مجسدا في ذلك مقولة نعوم تشومسكي" إن من أشق الاعمال هو النظر في المرآة"*5 وإستطاع ان يطعم نفسه بلقاح المواطنة ضد وباء العمالة والإنتهازية. موقف جدير بالإشارة والإشادة يدخل في عصر التنوير الحقيقي.. فمتى يتعلم الآخرون ويدركون مغبة عثراتهم؟
علي الكاش
الهوامش
*1- عراق المسقبل- السياسة الأمريكية في إعادة تشكيل الشرق الاوسط/ جيف سيمونز/ ترجمة سعيد العظم/ دار الساقي/ بيروت 2004
*2 – دوائر الخوف/ نصر حامد أبو زيد- المركز الثقافي العربي/الدار البيضاء 1999
*3- رسالة الحزب الشيوعي العراقي/ اللجنة النقابية الى السيد سماح أدريس المؤرخة في 19 آذار 2008
*4- النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي/ اللجنة النقابية المؤرخ في 1/9/2006
*5- النزعة الانسانية العسكرية الجديدة- د. نعوم تشومسكي- ترجمة. أيمن حنا حداد- دار الاداب/ بيروت2001[/size]