يتخوف مراقبون من انعكاسات الأزمة المالية العالمية على استقرار العراق بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط وإحجام المستثمرين الأجانب عن الاستثمار إزاء تفجر موجة العنف الجديدة والمخاوف المرتبطة ببدء انسحاب القوات الأمريكية.
ويهدد تحرك الحكومة لتقليص الموازنة العامة جراء تراجع عائدات النفط، برنامج استيعاب الآلاف من عناصر "الصحوة" ضمن برنامج حكومي.
وبدا بلوغ الأزمة المالية العراق واضحاً مع تهدئة وزارة الداخلية العراقية، برنامج دمج أفراد الصحوة.
وتأثر الاقتصاد العراقي بقوة جراء التراجع الحاد في أسعار النفط، والذي يمثل 90 في المائة من عائدات البلاد، حيث انكمش سعر برميل النفط من قرابة 150 دولاراً، الصيف الفائت، إلى الثُلث.
ويتوقع أن يعاني العراق من عجز قد يصل إلى نحو 20 مليار دولار هذا العام، يمكن تغطيتها من الفائض المتراكم من ارتفاع أسعار النفط ويبلغ 30 مليار دولار.
ويزداد الوضع قتامة مع نية حكومة إقليم كردستان، المستقل ذاتياً، بدء تصدير النفط الذي يملك الإقليم احتياطيات كبيرة منه، وسط معارضة حكومة بغداد، التي تتمسك بحق تصدير النفط البلاد وعائداته.
وفشل الجانبان في التوصل لاتفاق بشأن الخلاف الشائك، وفيما يصف المسؤولون في بغداد أي تصدير للنفط من الإقليم الكردستاني بأنه غير مشروع.
يُذكر أن من أكثر التشريعات التي شكلت تحدياً للبرلمان العراقي وأثارت جدلاً واسعاً، هو تشريع "قانون النفط والغاز"، الذي يطالب بتوزيع عادل للعائدات النفطية على الشعب العراقي المنقسم بين ثلاث عرقيات رئيسية: كردية وسُنية وشيعية.
يُشار إلى أن الأكراد، الذين يسيطرون على ثلاثة أقاليم، يمدون الأسواق المحلية بما يصل إلى 10 آلاف برميل من النفط في اليوم، خاصة وأنهم لا يملكون وجهة بحرية للشحن للخارج.
ورغم غياب قانون وطني للنفط، فإن بغداد فتحت أبوابها أمام الشركات الأجنبية للاستثمار في هذه الصناعة، وعبر مناقشة عقود تتعلق بالخدمات في هذا القطاع من أجل تعزيز قدراتها الإنتاجية الحالية التي هي عند 2.5 مليون برميل في اليوم بقرابة 600 ألف برميل.
ويمتلك العراق بالفعل احتياطي نفطي لا يقل عن 115 مليار برميل من النفط، بما يجعله الثاني أو الثالث من حيث الحجم على المستوى العالمي بعد السعودية وإيران.
ويعتقد عدد من الخبراء أن بوسع بغداد ضخ أكثر من ستة ملايين برميل من النفط إلى أسواق العالم يومياً، مما يجعلها أيضاً ثالث أكبر منتج على المستوى الدولي بعد المملكة العربية السعودية وروسيا.
غير أن قدرات العراق التصديرية لا تتجاوز مليوني برميل، وذلك بعد عقود من الحروب وانعدام الصيانة، علماً أن البلاد كانت تنتج أواخر العقد السابع من القرن الماضي 3.5 ملايين برميل يومياً.
ومن العوامل الأخرى التي تهدد عائدات العراق من النفط، تباطؤ المستثمر الأجنبي في الاستثمار في العراق لأسباب أبرزها عودة أعمال العنف، وغموض ما سيكون عليه الوضع الأمني بعد انسحاب القوات الأمريكية هذا الصيف
ومع بدء انسحاب القوات الأمريكية، سيتراجع حجم مساعدات إعادة الإعمار الأمريكية، علماً أن الحكومة العراقية ليست في وضع يتيح لها بيع سندات حكومية في الأسواق الدولية تحسباً من عدد لا يحصى من دعاوى قانونية متصلة بغزو العراق للكويت عام 1991، وفق "التايم."
ويبلغ حجم البطالة في العراق ما بين 28 في المائة إلى 38 في المائة، ويتوقع ارتفاعها خلال الشهور القليلة المقبلة.