مشاعر سيدة عراقية مسيحية مهاجرة ، شريفة متأصلة بضميرها وبجذورها كنخلة نمت بجانب أبويها ، نبعت من أصل العراق،
ألبوم وطن
القصيدة المشاركة في جائزة شمشا الادبية 2009
هبـة هانـي
عذراً يا عراق إذا أردت الموت فيك لأستريح ...
وأنا تركت مرهقاً جريح ...
عذرا يا عراق على خيانتي ... جبني وحماقتي
عذراً لاني اشتريت أرضاً في المنفى - وفيك ولادتي
عذرا لاني بعتك بلا ثمن
وهربت حاملة معي ... البوم صور ... يحكي غربة وطن
الصورة الأولى
عندما نزلت من الطائرة كأني هبطت على كوكب أخر
ملئ بالأضواء
ولكن ...
لا أحياء
وتذكرت على الفور ... السياب .. الشاعر الجريح لبلد جريح
وتذكرت بلدي الذي يموت كما السياب واقفاً ماداً يديه لدول الجوار< !!
تذكرت على الفور السياب
"الشمس أجمل من سواها في بلادي حتى الظلام هناك أجمل"
فالشمس هنا باردة والنسمة غير معطرة بالهيل
الصورة الثانية
رحلت إلى تمثال الحرية حاملة حقائب الأحلام المؤجلة وتراب
وحفنة أمنيات مستحيلة وشموع ورماد ...
رحلت من بغداد الحضارة لا ابحث عن شهرة او ثروة او سعادة
بل كنما وطني منذ ربيع 2003 لم يعد يقدم عشاءاً للفقراء سوى الموت
لا كسرة خبز العباس ولا هريسة الحسين باتت توزع في الحي المزروع بالعبوات
الماء مقطوع .... وان جاء فهو غير صالح للشرب
شاي العصرونية وقطعة بقلاوة , باتا قهوة مرة فالعزاء مفتوح والجرح مفتوح .....
فنجان قهوة الصباح أشربه فالا للعراق فلا أرى الا ظلام
منذ ربيع الحر ب وأنا لا أسمع فيروز كل صباح بل أستفيق على زقزقة زجاج النافذة
معلنا عن تشييع جديد
اضحك ولكن خلف باب مغلق حتى لا أصاب بالبطر
فاعذرني يا بلدي لاني أصبت بالغربة فيك وتغربت بعيداً
اعذرني ان خرجت منك ابحث عن الوان قوس قزح
فلم تعد عيناي ترى فيك الا لافتات سوداء وشظايا حمراء
لم اعد اسمع "الله ا كبر" في أذان فجر الجامع القريب
فلقد قتل "المجهولون" المؤذن المسكين
حتى المسلمون الطيبون أصبحوا يتشاهدون قبيل صلاة كل جمعة
كنيستي يا عراق لم تعيد الميلاد او الفصح منذ زمن وأبنائها في الصقيع يختفون
الصورة الثالثة
يوم ولادتي قالوا ان جدي من بني تغلب فأصبت بحب العراق وفشل الحكماء في علاجي !!!
انا ولدت في الرصافة ولكن لا احد عاد يصدق هذه الحكاية
فالثور المجنح سرق
وأسد بابل نهب
وتمثال المنصور حطم
وآثاري بيعت بالمزاد العلني ولم يبقى لي اثر !!!
أبي عراقي أصيل وأمي عراقية أصيلة
وأخي يوم غنى قال: "مشتاك أطير ويا الهوى وأوصل على بلادي وية أذان الفجر شكد حلوة بغدادي"
جدي مات في بغداد ولي قبور أخرى هناك
لكن "المواطنون الجدد" قتلوا عراقيتي وأعلنوا ارضي "للبيع"
وتحايلوا على الطاولة المستديرة لقطع علاقتي بصديقتي
"قالوا لها باني كافرة وقالوا لي بأنها إرهابية"
كبرت وأنا عراقية الوجع إن كنتم تعرفون مالعراق وما وجعه
ان كنتم تعلمون عباءة سوداء لا تفارق جسدا نحيل
ان كنتم حملتم بين أيديكم طفلا فقد ذراعه قبل ان يتعلم القراءة
ان كنتم رأيتم رجلا عراقيا يبكي!!!
في بلدي حيث ترعرعت ... مات النخيل والكرماء
واعذروني يا من كبرتم بعيدا عن العراق ان كنتم لا تفهمون معنى ان يموت التمر بالكوليرا
وتجهلون كيف يموت عزيز قوم ذل بعين مفتوحة
دجلة أصبحت تسقي جثثا مجهولة وفضلت السكوت عن المجرم فقد شرب يوما منها وارتوى
الفرات التزم الحياد حيال القيل والقال وعناوين الصحف
"فيدرالية البصرة، خارطة الشمال، استقلال كركوك، إقليم الانبار ، صراع بغداد"
الصورة الرابعة
خروجي من وطني يشبه خروجي من بطن أمي
بكيت أولا
فرحت بعدها
وصدمت
ثم توجعت
ومازلت
أنا عراقية الوجع
الصورة الخامسة
في أميركا
ابحث عن وجوه عراقية عن لهجة أهل بغداد عن عكال او شروال
عن اي شخص يسألني "شكو ماكو"
إذا رأيت عيونا تدمع سالت أختي "هذا عراقي؟"
حاولت ان اصنع قيمر الحلة وفشلت وتذوقت كل أنواع التمر فلم يعيد أي منها ذاكرتي التي فقدتها
حاولت مرارا ان أشبه المحيط بدجلة .... اشرب ماءه فأصاب بالقرحة من الكلور
حاولت تكرارا ان اقنع نفسي بان سان فرانسيسكو كبغداد
لكن
ناطحة سحاب واحدة تحسسني باني صغيرة !!
قلبي يسكن بلاد
روحي تسكن بلاد
جسدي هنا يبحث عن هذا وذاك
الصورة السادسة
حرت في اصل عشيرتي وتهت في متاهات انتماءاتي
حتى مبادئ تعولمت
قوميتي – حدث ولا حرج – لم اعد اعرف ما قوميتي
"لاجئ بانتظار الهوية"
يوما كنت عربية
وبعد حين قالوا أنني كلدواشورية سريانية
والآن انا في بلاد متعددة الجنسية........ بلاد تسمى امة المهاجرين
ولدت عراقية وسأموت أميركية
بحسب ما يريده السياسيون
او حسب ما يطلبه المستمعون!!!
و قد افقد الاثنين معا فحسبي الله ونعم الوكيل كقول الرسول
الصورة السابعة
رحلت يا عراق فاعذرني
وسامح كما سامح المسيح اللص والعشار والزانية
اعذرني لو كتبت في وصيتي "في العراق ادفن" وتقبل توبتي
اعذرني لو كتبت على شاهد قبري "أنا عراقية الوجع"