جدل بين علماء الأزهر حول فتوى القرضاوي بتحريم تجنّس العراقيين بالجنسية الأميركية
البعض اعتبرها جائزة استنادا لـ«فقه العصر».. وآخرون رفضوها
القاهرة: محمد خليل
أثارت فتوى منسوبة إلى الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بحرمة تجنس العراقيين بالجنسية الأميركية في الوقت الحالي، جدلا بين علماء الأزهر. وكان القرضاوي ـ حسب ما نقلت الصحف المصرية ـ أفتى، ردا على سؤال عن العراق في حلقة «فقه الحياة» يوم (الأربعاء) الماضي الذي يبث على قناة «أنا» الفضائية، بشأن العراق، وتجنس العراقي المهاجر بالجنسية الأميركية قائلا: «في هذه الفترة بالذات لا نجيز له، لكن هناك عراقيين تجنسوا بهذه الجنسية قبل ذلك في فترة الهجرة من البلاد والفرار من الاضطهاد والملاحقة.. فهؤلاء لا مشكلة بالنسبة لهم، إنما الآن لا يجوز لعراقي أن يتجنس بالجنسية الأميركية».
وفى تعليقه على الفتوى قال الدكتور سيد السيلي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر عضو مجمع فقهاء الشريعة بأميركا، إن «هذه الفتوى صحيحة، وتتماشى مع فقه الواقع أو ما يسمى بفقه العصر». لافتا إلى أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وبالتالي فإن فتوى الشيخ الدكتور القرضاوي تناسب العصر والظروف الحالية بالنسبة للعراقيين».
وأشار السيلي إلى أن «الأوضاع في العراق قبل الاحتلال الأميركي تغيرت إلى الأسوأ، وبالتالي فإن العراقي الذي يتجنس بالجنسية الأميركية في الوقت الحالي يصبح مواليا للاحتلال، ومقر بما فعله الاحتلال في العراق من أعمال لا يرضى عنها أحد، فالموضوع له علاقة بعقيدة الولاء والبراء في الإسلام». ومن جانبه أيد الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الشريعة الإسلامية عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، فتوى الدكتور القرضاوي، «عملا بقاعدة سد الذرائع، حتى نسد الباب أمام العراقيين الذين يريدون التخلي عن جنسيتهم، فضلا عن تخليهم عن الإسهام في إعادة بناء وطنهم».
وتابع قائلا: «إن العراقيين الذين يسعون للتجنس بالجنسية الأميركية كأنهم يقرون ما ارتكبته القوات الأميركية في العراق من عمليات تدمير لوطنهم، بالرغم مما كان يتمتع به من استقرار، فضلا عن إقرارهم بمشروعية غزو العراق من قبل القوات الأميركية وحلفائها استنادا إلى حجج واهية».
واختتم الدكتور دسوقي تعليقه قائلا: «إنه لا يجوز شرعا التجنس بالجنسية الأميركية في الوقت الحالي بصفتها دولة احتلال، لم تنقذ العراق، كما يدعى البعض، من ديكتاتورية النظام السابق، بل عمقت مشكلاته وهمومه».
بينما رفض الدكتور أحمد السايح، الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، فتوى الدكتور القرضاوي قائلا: «إن المسلم طالما ظل محتفظا بعقيدته الإسلامية ويمارس شعائر دينه بحرية، يجوز له أن يتجنس بالجنسية الأميركية أو غيرها، وهذا يفيد الإسلام والمسلمين، فالإسلام ينتشر بين آلاف بل، والملايين من المسلمين في أميركا وغيرها من البلدان الغربية، من خلال المجنسين من المسلمين».
وأشار السايح إلى أن الفتوى اعتمدت على مقاييس التجنس في الماضي، التي تختلف عن المعمول به الآن، حيث كان يتم النظر إليها باعتبارها مولاة للأعداء، وبالتالي موالاتهم في معاداة الإسلام والمسلمين، فضلا عن التقسيمات التي جاءت بالفقه الإسلامي القديم من تقسيم العالم إلى دار حرب ودار إسلام، وهذا غير وارد اليوم من الناحية الواقعية.
وتساءل السايح: «ماذا نقول في المسلمين الذين يحملون الجنسية الأميركية ويعيشون في الولايات المتحدة وغيرها من بلدان الغرب، هل نعتبرهم أعداءنا؟».