[size=16pt]ثلاثة ملايين بعثي' يتهيأون لهزيمة المالكي في الانتخابات
هارون محمد - القدس العربي : : 2009-11-20 - 08:32:58
ثلاثة ملايين بعثي' يتهيأون لهزيمة المالكي في الانتخابات
هارون محمد
20/11/2009
من يتابع تصرفات نوري المالكي الاخيرة، ويقيَم تصريحاته التهديدية المتشنجة، ويتمعن في ملامح وجهه المضطربة، وتلويحات يديه المرتجفة، لا يحتاج الى عناء في تفسير حالته، انه يعيش تحت وطأة هواجس فقدان منصبه كرئيس للوزراء وقائد عام للقوات المسلحة، والرجل كل آماله التي كان يحلم بها خلال حكم النظام السابق ان يعود الى بلدته (طويريج) وتحسب له سنوات خدمته السابقة في مديرية تربية بابل ويعين' مراقب عمال او ملاحظا على أكثر تقدير، دون ان يخطر في باله في يوم من الايام او حتى في الاحلام،
انه سيصبح بهذه المكانة والامتيازات، والفضل كله للرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش وعصابته' المتصهينة التي خططت لغزو العراق وتقويض دولته وتدمير مؤسساته، وتسليط الافاقين والمزورين عليه، وتمكين الدخلاء والطارئين من السيطرة والاستحواذ على موارده وثرواته، واجتثاث نخبه الوطنية والقومية من مناضلين ومثقفين وعسكريين وعلماء وخبراء ورياضيين وفنانين وشيوخ قبائل عربية أصلاء وعمداء بيوتات عريقة ووجهاء وأعيان مرموقين، واحلال أنفار من المتخلفين فكريا والمعوقين عقليا وذوي السوابق والعاهات مكانهم.
ومن المؤشرات التي تؤكد ان المالكي فقد توازنه في الاسابيع القليلة الماضية، انه يخطط لاعدام مجموعة من المسؤولين والقادة العسكريين السابقين، ممن ساهموا في بناء العراق واستبسلوا في الدفاع عنه ضد الطامعين والمتآمرين على وحدته وسيادته، في أول أيام عيد الاضحى المقبل، على غرار ما فعله بالرئيس الراحل صدام حسين قبل ثلاثة أعوام، مدفوعا باحقاد طائفية ونزعات انتقامية ضد كل الخيرين والشرفاء الذين أدوا واجبهم الوطني في حماية العراق، ولم يخونوا ولم يضعفوا، ولم يرتموا في أحضان الدول المعادية، ولم يتلقوا الدعم والاموال من أجهزة مخابراتها، كما فعل الاوغاد الذين باعوا أنفسهم لاعداء العراق وشاركوا في العدوان عليه واصطفوا مع الاحتلال ووقفوا ضد ارادة الشعب وخياراته الوطنية.
وعندما نقول ان المالكي طائفي حتى العظم، فاننا لا ننطلق من اعتبارات شخصية، وانما من وقائع واحداث هو بطلها بامتياز، لاحظوا حملة الاعتقالات أين ينفذها وفي أي المناطق والمدن؟ والمداهمات وآخرها ضد قرية الزيدان التي يسكنها فخذ من قبيلة زوبع في أبي غريب، وراح ضحيتها ثلاثة عشر انسانا من قبل قوة عسكرية آمرها من حاشيته، معروف بانه لم يدع أسرة سنية عربية في أحياء الجامعة والغزالية والعامرية لم يضطهدها او ينكل بابنائها قبل ان ينقل الى (ابو غريب) لاكمال مهمته القذرة، ثم يخرج احد المتحدثين باسم الحكومة ويعلن ان الحادث جاء نتيجة نزاع عشائري، ثم يغير رأيه في اليوم التالي ويتهم المقاومة التي يسميها حسب مفهومه بـ (الارهابيين) لان أحد المغدورين عضو في جماعة الصحوة، دون ان يلتفت الى شهادات شهود العيان الذين أكدوا ان فوجا عسكريا يرابط في القرية منذ شهرين سام أهلها مر العذاب، هو من قام بالقتل الجماعي لاناس ابرياء ذنبهم انهم سنة ومن زوبع قبيلة الشيخ ضاري المحمود الزعيم العربي العراقي وأحد قادة ثورة العشرين الذي تصدى لاشرس ضابط بريطاني وقتله في عشرينات القرن الماضي.
ومن المعيب حقا أن ينبري أحد الباحثين عن (مكان) لدى المالكي ويكتب مقالا مفبركا ينقل فيه عن رفيقه الجديد رئيس الوزراء انه ضد الاحتلال وقبل به مضطرا، ولم يقل لنا كيف هو(الاضطرار) المزعوم بالاحتلال؟ وهل هناك في الدنيا مثل هذا المفهوم! ويضفي على المالكي أوصافا يسعى من خلالها استبعاده عن دائرة الطائفية التي كرسها هو لا غيره، ثم يطلع علينا حامل شنطة سلعتها (شينات) ثلاث، والشينات جمع حرف الشين أول (شيعي وشيوعي وشعوبي) ويدافع عن نوري بطريقة فجة ويقتطع من مقالنا الاخير في (القدس العربي) ما يحلو له ويتهمنا بالطائفية ويقول انه لم يجد لدى الشيعة كاتبا طائفيا مثل ما موجود في السنة ويذكر اسمنا كنموذج، وهو يعرف تماما ان السنة العرب في العراق لم يكونوا عبر التأريخ المعاصر على الاقل دعاة طائفية وليست لهم مرجعية او حوزة دينية أو مذهبية ولم يلعنوا خليفة او صحابيا او قائدا اسلاميا ولم يصنفوا الاسلام الى شيع وفرقاء.
وواضح ان المدافعين عن المالكي والمستفيدين من (بركاته) وهداياه النقدية قد أغاظهم تحدي البعثيين لصاحبهم، الذي لم يترك مناسبة تمر الا وراح يولول الى حد البكاء جزعا من قرار البعثيين بالمشاركة في الانتخابات المقبلة، وهلعا من عودتهم الى الحياة السياسية العلنية عبر البرلمان،' فالقرار قد اتخذ ولا رجعة فيه، ولا يستطيع لا المالكي ولا من هو أكبر منه ان يمنع ثلاثة ملايين بعثي هم وعوائلهم من التوجه الى مراكز الانتخابات للتصويت ضد المالكي وقائمته المفككة، والمعلومات الميدانية تفيد ان قيادة حزب البعث قد شكلت لجنة برئاسة السيد عزة الدوري وتضم ثلاثة أعضاء في الداخل ومثلهم في الخارج، مهمتها متابعة الانتخابات والتحشيد لها وزج أكبر عدد من البعثيين للمشاركة فيها والتصويت للقوائم والشخصيات الوطنية والقومية، والامر نفسه طبقه السيد محمد يونس الاحمد الذي ألف لجنة متابعة وتنسيق ضمت عددا من القيادات والكوادر والمسؤولين السابقين في فروع الحزب ببغداد والمحافظات وخصوصا في منطقة الفرات والجنوب، واستنادا الى شيخ قبيلة في البصرة قدم الى العاصمة الاردنية مؤخرا طلبا للعلاج ان المناشير البعثية توزع يوميا في البصرة واقضيتها ونواحيها وهي من كثرتها تؤكد ان الحزب يملك أجهزة طباعة حديثة وشبكة توزيع جيدة وتنظيمات نشيطة، رغم ان البصرة من المدن التي تعشش فيها منظمات طائفية وايرانية اغتالت أكثر من ستة الاف بعثي منذ الاحتلال حتى يومنا الراهن حسب احصاءات حزبية دقيقة، تتضمن اسم الشهيد ومرتبته الحزبية ووظيفته السابقة وتاريخ استشهاده والجهة التي قتلته.
وعندما يستعد البعثيون' للمشاركة في الانتخابات المقبلة ويزجون بعدد من انصارهم والمتعاطفين معهم فيها، وهم أصلا يقفون بالضد من العملية السياسية، فانهم يريدون بهذا التكتيك المرحلي اثبات انهم قوة سياسية واجتماعية على الارض ورقم صعب في المعادلة السياسية لا يمكن للمالكي ومن لف لفه ان يتجاوزهم، وهم لا ينكرون بانهم يريدون ايضا تحدي المالكي في عقر داره ، ويقولون له بعالي الصوت نحن هنا فاين أنت، وعلى الباغي تدور الدوائر، ولن تنفعك حملات الاعتقالات والمداهمات والاقتحامات للدور والمقاهي والشوارع التي تقوم بها أجهزتك الطائفية في وقف انشطتنا وتحركاتنا، بالمناسبة قامت زمرة من حزب المالكي باعتقال القانوني الكبير والمحامي المرموق عبد الستار الكبيسي يوم الثلاثاء الماضي وهو يراجع المحكمة الجنائية في المنطقة الخضراء لمتابعة قضايا ثمانية وعشرين معتقلا' كلفوه بالدفاع عنهم، علما بان هذا الشيخ الجليل وعمره خمسة وسبعون عاما لم يكن بعثيا في يوم من الايام وسيرته تشهد بذلك، ولكن لانه سني عربي ومحام عن متهمين لم يرتكبوا جرما سوى انهم محسوبون على البعث، فقد اعتقل وهو في المحكمة، وبعد ذلك قد يخرج علينا أحد المنتفعين من المالكي (الجدد) او القدامى ويقول انه لا طائفي ولا يعادي العرب، بل وطني ابن وطني!.
ومن لاحظ الهجمة التي تعرض لها الدكتور طارق الهاشمي لاعتراضه على فقرة في قانون الانتخابات، حرمت اكثر من مليون وربع مليون ناخب عراقي في الخارج (حسب احصاءات مفوضية الانتخابات) من حقهم القانوني والانساني في الانتخاب، من حاشية المالكي وعلى رأسها خالد العطية، لا بد وعرف أسباب هذه الهجمة ودوافعها الطائفية المقيتة، فالاعتقاد السائد لدى حزب الدعوة والمحسوبين عليه ان أغلبية العراقيين في الخارج وخصوصا المهجرين هم من البعثيين المطاردين او من السنة العرب المضطهدين وهؤلاء ينتشرون في سورية والاردن والامارات واليمن ومصر ويقدر عددهم بمليون ناخب يقدرون وحدهم تصعيد أكثر من عشرين نائبا اذا كان القاسم الانتخابي أربعين ألفا او خمسين ألف صوت للنائب، من هنا كان الرعب قد اجتاح أزلام السلطة الهشة واعتبروا اعتراض الهاشمي اعاقة للعملية السياسية وعرقلة للانتخابات، رغم ان الهاشمي جزء من العملية السياسية ودستورهم الاعرج أعطاه حقا دستوريا كنائب لرئيس الجمهورية في الاعتراض ونقض القوانين والتشريعات، ولكنهم يبقون طائفيين ومعادين لكل شيء صح.
البعثيون قادمون ..وبوابتهم الاولى البرلمان، ولن تجدي المالكي وجوقته عمليات الاعتقال والتنكيل التي يمارسها ضد القوميين والبعثيين وكل القوى والاطراف الوطنية والديمقراطية والاسلامية الحقيقية، ولاحظوا ايضا تعاطف جماعة الحزب الاسلامي مع أتباع حزب الدعوة في هذه القضية ووقفتهم ضد اقتراح الهاشمي الذي كان الى شهور قليلة مضت أمينا عاما لهم وفتح عليه الله ونجاه من شرورهم، ألم نقل ان الاحزاب التي تدعي الاسلام وتتبرقع به، طائفية وانتفاعية سواء كانت شيعية او سنية!؟
' كاتب سياسي عراقي يقيم في عمان [/size]