من بين أهم الطقوس التي ترافق رمضان في العراق التفنن في الأكل والإكثار منه، سواء في البيوت التي لم تغير سنوات الحصار من عاداتها فيما يتعلق بأنواع المأكولات، أو في المطاعم التي تظل مفتوحة طيلة الليل. كما يكثر العراقيون من أكل الحلوى بعد الفطور مباشرة وفي السهرات التي تتخللها ليالي رمضان.
ولكل محافظة من محافظات العراق أكلة خاصة أو نوع معين من الحلويات تتميز به عن غيرها من المدن العراقية الأخرى؛ ففي بغداد تشتهر حلوى "الزلابية" و"البقلاوة"، والزلابية تصنع من الدقيق والسكر، وتوضع في إبريق، وتسكب من فوهة الإبريق، وتقلى بالسمن على نار هادئة، وتكون على شكل شبابيك أو خطوط متشابكة، تسهم النار في تماسكها، ثم تغطس في الماء المحلى بالسكر.
أما البقلاوة فهي عبارة عن شرائح رقيقة من الدقيق، تصفّ فوق بعضها، وتتخللها أنواع من المكسرات كالفستق والبندق والجوز واللوز.
وفي الأحياء الشعبية ينتشر نوع من الحلوى يسمى "الدهينية"، وهي خليط من الدقيق مع السمن الحيواني، وهي بُنِّيَّة اللون، تنشر في صينية كبيرة، وتغطى بجوز الهند. وفي المناطق الشمالية يلجأ الناس إلى عمل أكلة جميلة تسمى "المدكوكة"، وهي تُصنع من أحد أنواع التمر الجاف نوعا ما الذي يشتهر به العراق، وتخلط مع السمسم، وتعجن بواسطة آلة كهربائية أو باليد، ثم تعمل على شكل أقراص.
أما أهم المأكولات التي تشتهر بها المائدة العراقية فهي "الكبة"، وأجمل أنواع ذلك الصنف هو الكبة الموصلية (نسبة إلى مدينة الموصل الشمالية التي تشتهر سيداتها بصناعة الكبة، وهي نوعان: إما كبة برغل أو كبة حلب نسبة إلى مدينة حلب السورية). والجدير بالذكر أن المطبخ الموصلي يشبه كثيرا المطبخ السوري؛ نظرا للتقارب الجغرافي بينهما، كما يتشابهان في الكثير من العادات الاجتماعية.
نعود إلى الكبة، وهي -سواء كانت من البرغل أو كبة حلب التي تعد من الأرز- عجينة تحشى باللحم والكرفس، وتلف على شكل كرات منتظمة، وتقلى بالسمن حين الاستعمال.
كما تشتهر بغداد بالعصائر التي تصنع محليا مثل العرقسوس وعصير الزبيب الذي تشتهر به بغداد عن سائر البلاد العربية، والزبيب هو العنب الأسود المجفف الذي يجمع بكميات كبيرة، ويغلى، ويصفى، ويضاف إليه السكر، ويقدم باردا.
أما أهم الأكلات الرمضانية فالعراقيون يهتمون بأكلة "التشريب"، وهي عبارة عن شُربة لحم يشربها الصائم كنوع من أنواع السوائل، إضافة إلى شربة العدس، و"البرياني" الذي هو الأرز المتبل بأنواع البهارات الهندية، والمضاف إليه اللوز والبازلاء والتوابل الصفراء التي تعطي نكهة ورائحة مميزة وشهية.
أما "الدولمة" فهي تشبه -إلى حد ما- "المحشي المصري"؛ أي إنها أوراق خضراء محشوة بالأرز واللحم وأنواع التوابل، غير أن ما يميزها هو أنها تصنع من ورق السلق الأخضر، أما "المحشي المصري" فهو معمول من ورق الكرنب. و"الدولمة" أكلة جماعية، وأغلب العائلات العراقية دأبت على طبخها يوم الجمعة؛ لكون العائلة كلها مجتمعة على الغداء؛ حيث تصفّ أوراق السلق المحشي في قدر كبيرة، وتقلب في صينية ليجتمع حولها كل أفراد الأسرة.