[color=orange]رئيس الموساد السابق داني ياطوم مفوض سام غير رسمي في بلغاريا
كتابة: يوري كوزنيتسوف
ترجمة: جورج حداد (كنعان) 24/08/2009
تمخضت الانتخابات النيابية الاخيرة التي جرت في بلغاريا في 5 ـ 7 ـ 2009 عن مفاجآت عديدة. ومن هذه المفاجآت بروز حزب "نظام، شرعية، عدالة" وتجاوزه نسبة الحد الادنى (4،0%) للدخول الى البرلمان، حيث نال الحزب نسبة 4،13% وحصل على 9 مقاعد من اصل 240 مقعدا.
ويحيط هذ الحزب نفسه بضجة مصطنعة ومتواصلة، حيث يكثر رئيسه ومسؤولوه من الظهور في اجهزة الاعلام اجمع، ومن الاجتماعات واللقاءات العامة. ولفت الحزب النظر اليه:
اولا ـ بادعائه شن حملة على الفساد وملاحقة السياسيين والموظفين الكبار بتهم الرشوة والصفقات المشبوهة وما الى ذلك.
ثانيا ـ بعلاقاته الخارجية القوية، خصوصا مع الاجهزة الاسرائيلية.
وفي احد الاجتماعات التي عقدتها قيادة الحزب الاشتراكي للبحث في اسباب خسارة الحزب للانتخابات، انبرى رومين فودينيتشاروف، احد قادة الحزب، المعارض لرئيس الحزب الحالي سرغيي ستانيشيف والمرشح للحلول محله، للادعاء بأن الحزب الاشتراكي (الذي كان حاكما حتى الانتخابات) هو الذي اوجد حزب "نظام، شرعية، عدالة" من اجل اضعاف المعارضة. ولكن رئيس الحزب ياني يانيف رد على هذه التهمة، مدعيا ان الحزب تأسس في كانون الاول 2005. وان رومين فودينيتشاروف نفسه سيأتي دوره في المثول امام القضاء بتهم الفساد.
ونرى من الضروري تسليط الضوء على هذا الحزب، لما له من خصوصية، ولا سيما علاقاته الخارجية. ولا يسعنا الا ان نورد الملاحظات التالية:
ـ1ـ ان السيد ياني يانيف، رئيس الحزب، هو سياسي مغمور لم يكن له "لا طعم ولا رائحة"، وكان عضوا في الحزب الشيوعي البلغاري السابق، الاشتراكي اللاحق (اي حزب رئيس الوزراء الخاسر)، ثم انتقل الى حزب "أتاكا" المعارض، ثم تركه ليشكل حزبه الخاص، الذي نحن بصدده. ولكن ابرز نقطة في السيرة الذاتية للرجل انه كان احد عناصر جهاز المخابرات البلغارية في العهد "الشيوعي!!"، التي كانت على اوثق علاقة بالمخابرات الروسية عهدذاك، والتي اصبحت تقف على "مفترق طرق" بعد ما يسمى "التحول الدمقراطي" في 1989، وخصوصا بعد انضمام بلغاريا الى الحلف الاطلسي، مما فتح "قناة جديدة" لعمل المخابرات الروسية، والمخابرات الغربية، على الساحة البلغارية. وفي السنتين الاخيرتين، ولا سيما في فترة التحضير للانتخابات الاخيرة، سلطت الاضواء الاعلامية على ياني يانيف، بشكل يحسده عليه اي سياسي مخضرم بارز.
ـ2ـ اخذ حزب "إر، زد، إس" RZS (نظام، شرعية، عدالة) يتصدر واجهة الحياة السياسية في البلاد، بادعاء محاربة الفساد وملاحقة رجال السياسة والموظفين الكبار في الجمارك وغيرها من الادارات بتهم الفساد وجمع الثروات غير المشروعة، واخذ يقدم الملفات تلو الملفات الى المدعي العام الرئيسي حول الفساد والفاسدين. وقد تساءل العديد من المراقبين: بصرف النظر عن صحة او لا صحة تلك الملفات، من اين يأتي هذا الحزب الناشئ بكل تلك الملفات، ومن هي الجهة التي تزوده بها؟ و... أليس الظهور العجائبي لهذا الحزب، وطرح تلك الملفات، هو محاولة من طرف خفي ما، ولكنه طرف قوي، للسيطرة الكاملة او شبه الكاملة على الحياة السياسية في البلاد؟
ـ3ـ ان اسم حزب "نظام، شرعية، عدالة"، ونمط نشاطه الاجتماعي ـ السياسي هو قريب جدا الى درجة التقليد لاسم ونمط نشاط الحزب الاسرائيلي المسمى حزب "العدالة الاجتماعية" لمؤسسه الملياردير أركاديي غايداماك.
ـ4ـ في ايار 2009، وبدون مقدمات ملحوظة، ظهر ياني يانيف رئيس حزب "نظام، شرعية، عدالة" في اسرائيل. وجاء في النشرة الالكترونية البلغارية Blog.bg (بتاريخ 16-5-2009) ان ياني يانيف سافر الى اسرائيل للتعرف الى سياسة الدولة (الاسرائيلية) في مكافحة الفساد والجريمة المنظمة. وصرح بأن خبراء في المخابرات المالية الاسرائيليين يمكن ان يساعدوا زملاءهم البلغار على هذا الصعيد، بعد تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات. وفي مقابلة بين يانيف ورئيس شعبة مكافحة غسيل الاموال القذرة وتمويل العمليات الارهابية في اسرائيل ايهودا شافر، صرح الاخير ان المخابرات المالية ينبغي ان تكون مؤسسة مستقلة تماما، وليس كما هي الان في بلغاريا. وشعبة المخابرات المالية الاسرائيلية تأسست سنة 2002 وهي تعمل بتعاون وثيق مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية وتحضر لديهما بصفة مراقب.
ـ5ـ وفي مجرى الشهر ذاته حط الرحال في بلغاريا الرئيس السابق للموساد الجنرال داني ياطوم، الذي جرت في "عهده" محاولة اغتيال المناضل الفلسطيني خالد مشعل في الاردن، والذي اضطر لتقديم استقالته بسبب فشل محاولة الاغتيال والازمة التي نشبت حينذاك بين اسرائيل والاردن. وقد اشتهر الجنرال ياطوم في اسرائيل، بشكل خاص، بالنشاطات "الخيرية" التي قام بها خلال العدوان على لبنان سنة 2006. وقيل يومها ان الجنرال داني ياطوم جاء الى بلغاريا بناء لدعوة خاصة من ياني يانيف. ومنذ وصوله الى بلغاريا اخذ الجنرال ياطوم يظهر بشكل شبه يومي في وسائل الاعلام البلغارية (تلفزيون، راديو، صحف) ويقدم المقابلات ويلقي المواعظ عن "الرسالة الحضارية" للموساد واسرائيل، وعن مكافحة الفساد والجريمة المنظمة وغسل الاموال القذرة ومنع تهريب السلاح وطبعا... مكافحة الارهاب. وقال في احد تصاريحه ان الشعب البلغاري ينبغي ان يكافح الفساد، والا فإنه ... سيخسر دولته. وقد قدم الجنرال نفسه بأنه صاحب شركة او مؤسسة استشارات، سياسية وقانونية وامنية، حول مكافحة الفساد والجريمة المنظمة.
ـ6ـ وفي البدء اعتقد كثيرون ان الجنرال ياطوم انما يقوم بزيارة "صداقة" الى بلغاريا، وانه لا يلبث ان يعود الى اسرائيل (واحة الدمقراطية في الشرق الاوسط) بعد ان يختتم دورة مواعظه ضد الفساد والجريمة المنظمة. ولكن يبدو انه لم تكن هذه حسابات الجنرال واسياده. ففي اوائل شهر تموز نشرت وسائل الاعلام البلغارية كلها تقريبا ان ياني يانيف، رئيس حزب "نظام، شرعية، عدالة" هو مهدد بالقتل، من قبل الاوليغارشيين الماليين الذين يقوم بفضحهم، وانه جرى احباط محاولة اغتياله بتفجير سيارته. وانه ـ اي ياني يانيف ـ قام بتكليف مؤسسة الجنرال داني ياطوم، الى جانب مؤسسة امنية بلغارية، بالاضطلاع بتأمين حمايته الشخصية وحماية شخصيات اخرى بارزة في حزبه. وتعقيبا على ذلك عبر الجنرال داني ياطوم عن سروره بهذا التكليف، واكد انه سيستقدم اللوازم اللوجستية التي يقتضيها نظام الحماية ... من اسرائيل.
وقد تم توقيع اتفاق الحماية مع الجنرال ياطوم، من قبل المجلس السياسي لحزب يانيف. وافادت المعلومات الصادرة عن الحزب ان اللوازم اللوجستية للحماية التي سيتم استيرادها من اسرائيل ستكون هدية بدون مقابل، بفضل "وساطة" الجنرال ياطوم.
ـ7ـ من المعلوم، لدى المتابعين، ان الجنرال ياطوم هو على علاقة وثيقة برجال المافيا ـ المليارديرية اليهود الروس، المرتبطين خصوصا بتجارة تهريب الماس وتجارة الاسلحة في افريقيا. وهذه العلاقة بالمافيا المالية "اليهودية ـ الروسية" هي "مسألة فيها نظر"، ويمكن النظر اليها من اكثر من "زاوية نظر" سياسية ومخابراتية، الان ومستقبلا.
ـ8ـ من اهم الشخصيات (المليارديرية) الاسرائيلية من اليهود الروسيي الاصل، التي هي على علاقة وثيقة بالجنرال داني ياطوم، اثنان هما: