ارتفعت صادرات النفط العراقية إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب غير أن فشل بغداد في جذب استثمارات كبيرة تحتاجها لإصلاح البنية التحتية المتداعية سيعطل البلاد لبعض الوقت عن الانضمام إلى القوى النفطية الرئيسية في العالم.
والقطاع النفطي متهالك بعد سنوات من العقوبات والحرب ومن المستبعد زيادة الإنتاج بدرجة كبيرة في السنوات الثلاث القادمة رغم الخطط طويلة الأجل لزيادته إلى أكثر من المثلين.
وقال المحلل لدى مؤسسة "وود ماكينزي" الاستشارية "اليكس مانتون": العراق مقيد في المدى القريب من حيث حجم ما يمكن تصديره واستهلاكه.. ربما يكون بوسعهم ضخ بضع مئات الآلاف من البراميل الإضافية يومياً من خلال خط الأنابيب الشمالي.. لن يكونوا قادرين على ضخ الكثير فوق ذلك خلال السنتين إلى الثلاث سنوات القادمة.
وبلغت صادرات النفط العراقية 2.037 مليون برميل يومياً في يوليو/تموز وهو أعلى مستوى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003، وسمح ذلك علاوة على ارتفاع أسعار الخام للحكومة التي تعتمد على النفط بزيادة الميزانية.
وقال محللون: إن الصادرات الشمالية قد تعطي دفعة أخرى لكن لا توجد مساحة تذكر لضخ المزيد قبل أن يوسع العراق طاقة خط الأنابيب الجنوبي وشبكات التصدير وهو ما قد يستغرق سنوات.
وقال "مانتون": إن خط الأنابيب الشمالي الذي ينقل الصادرات إلى تركيا ضخ 544 ألف برميل يومياً في يوليو/تموز، وتتراوح طاقته بين 700 و900 ألف برميل يومياً.
ويمكن أن يأتي الخام اللازم لملء الخط حتى أقصى طاقة له من منطقة كردستان شبه المستقلة في شمال العراق، وسمحت بغداد في يونيو/حزيران بتدفق الصادرات الكردية عبر خط الأنابيب فيما مثل انفراجة في نزاع طويل بشأن الاتفاقات التي وقعتها حكومة إقليم كردستان مع شركات أجنبية.
ولم يتم حتى الآن الاتفاق بشأن بنود السداد، لكن حكومة كردستان تهدف لزيادة سريعة في الصادرات إلى 100 ألف برميل يومياً، وتسعى لتعزيز الإنتاج من المنطقة إلى 450 ألف برميل يومياً بحلول 2011.
ويأتي النزاع بشأن العقود في إطار الصراع للسيطرة على ثروة العراق النفطية، ومنع ذلك التوصل إلى توافق بشأن قانون للنفط يهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية الضرورية لإعادة الإعمار.
وقال خبير في قطاع النفط العراقي، طلب عدم الكشف عن اسمه: يحتمل أن يثور هذا الجدل السياسي قبل الجولة التالية لترسية عقود نفطية.. قانون النفط ضروري لتحديد أين تكمن السلطة في العراق.
وعقد رئيس الوزراء العراقي ورئيس إقليم كردستان اجتماعاً نادراً الأسبوع الماضي واتفقا على إجراء مزيد من المحادثات في إطار جهود لحل الخلافات بينهما.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تمنع المعوقات السياسية حدوث زيادات كبيرة في الإنتاج لمدة خمس سنوات على الأقل، وتوقعت الوكالة انخفاض الإنتاج إلى حوالي 2.23 مليون برميل يومياً في 2010 قبل أن يرتفع إلى حوالي 2.7 مليون برميل يومياً في 2014، ويبلغ الإنتاج حالياً نحو 2.5 مليون برميل يومياً.
وقال رئيس قسم صناعة وأسواق النفط في آسيا بالوكالة "ديفيد فايف": ربما يرتفع الإنتاج من حقول بعينها.. غير أن طموحات الإمدادات في المدى البعيد ستظل كذلك إلى أن يتم إرساء إطار العمل التنظيمي.
ويتم شحن أغلب صادرات العراق من مرفأ البصرة في جنوب البلاد، وقال "مانتون": إن خطوط الأنابيب الصدئة تقيد استمرار تدفق 1.5 مليون برميل يومياً عبر المرفأ.
ومنح العراق التفويض لتنفيذ الأعمال الأولية بشأن مشروع لإضافة خطوط أنابيب أخرى ومراس في البصرة، وبدون تلك الأنابيب والمنشآت ستفتقر بغداد إلى الوسائل اللازمة لنقل إنتاجها الذي تهدف لزيادته إلى ستة ملايين برميل يومياً إلى السوق.
ويتوقف نجاح عرض "بي.بي" البريطانية و"سي.إن.بي.سي" الصينية لزيادة إنتاج حقل "الرميلة"، أكبر حقول النفط في العراق، على ذلك بالإضافة لتسريع وتيرة إصلاح خطوط الأنابيب وصهاريج التخزين.
وفازت الشركتان في يونيو/حزيران بعقد لزيادة إنتاج الحقل إلى نحو ثلاثة أمثاله إلى 2.85 مليون برميل يومياً خلال ست سنوات، وكان ذلك هو العقد الوحيد الذي تم إرساؤه بين ستة عقود بشأن حقول كبرى عرضت في أول جولة مناقصات نفطية في العراق منذ الحرب حيث أحجمت الشركات الكبرى عن قبول ما اعتبرته بنود سداد عراقية زهيدة.
وقالت مصادر: إنه بمجرد توقيع اتفاق "الرميلة" سترغب الشركتان في العمل سريعاً من أجل تعويض الاستثمار ومن ثم يمكن تحسين الإنتاج خلال 18 شهراً، وقدر "مانتون" أن العمل السريع يمكن أن يرفع إنتاج العراق إلى أربعة ملايين برميل يومياً بحلول منتصف العقد القادم.
وقال مسؤول تنفيذي كبير بشركة نفط عالمية: إذا أرادت "بي.بي" تحقيق أي نجاح من ذلك.. فينبغي عليها زيادة الإنتاج بأسرع ما يمكن.. أسرع كثيراً من ست سنوات.
وأضاف: كل يوم تأخير سيقلص العائد على الاستثمار.
ويبذل العراق جهوداً أخرى لزيادة الإمدادات، ويجري العمل على إعداد خطة تطوير سريع لاستعادة طاقة الإنتاج بالجنوب بعدما تسببت مشكلات خاصة بالضغط في تراجع الإنتاج بواقع 250 ألف برميل يومياً العام الماضي.
ويمكن لاتفاقات هندسية وإنشائية في بعض الحقول أن تزيد الإمدادات رغم أن المحادثات بشأن أولها امتدت لشهور، وقد يعزز الاتفاق الإنتاج من حقل "الناصرية" بواقع 100 ألف برميل يومياً في 18 شهراً.
ويخطط العراق لحفر مزيد من الآبار لزيادة الإنتاج إلى 3.5 مليون برميل يومياً خلال ثلاث سنوات رغم أن مسؤولين تنفيذيين يشكون في امتلاكه القدرة أو السيولة اللازمة لذلك.
وقال مسؤول تنفيذي بشركة نفط غربية: مجرد الحفاظ على استقرار الإنتاج يتطلب زيادات كبيرة في أنشطة الحفر.. ما فعلوه العام الماضي لم يكن كافياً بالمرة.
وفي إطار الخطط طويلة الأجل لزيادة الإنتاج يعتزم العراق طرح حقول نفطية عملاقة غير مستغلة في جولة عطاءات في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.