قام المجلس الاعلى الاسلامي بمهاجمة جريدة الصباح و الاستاذ احمد عبد الحسين بسبب نشر هذه المقالة التي تفضح جريمة مصرف الزوية
أحمد عبد الحسين
في تصريح غريب لمسؤول أمني كبير غداة القبض على فرسان مجزرة الزوية التي استشهد فيها ثمانية شجعان أبرياء، قال المسؤول (إن أفراد هذه العصابة المنتمية إلى جهة سياسية كبيرة ارتكبوا جريمتهم الشنعاء دون الرجوع إلى الجهة التي ينتمون إليها).
طريف ومدهش ومضحك حدّ البكاء هذا التصريح. نحن نعرف مقدار الخوف الذي يعتمل في لسان العراقيّ حين يريد أن يسمي الجهة التي تقف وراء هؤلاء الضباع، ونعرف انهم يعرفون اننا نعرف ان جرائم كبرى حدثت وتسترت عليها جهات سياسية، ونعرف انهم يعرفون باننا نعرف ان الأموال المسروقة كانت ستتحوّل إلى بطانيات توزّع على الناخبين لولا ان رجال الداخلية الشجعان هاجموا الجريدة التي اختبأ فيها الضباع. والآن .. كم بطانية يمكن أن تشترى بثمانية مليارات دينار؟ 800 ألف بطانية أم النمر بحساب السوق اليوم، كانت ستأتي بها سيارات (ربما نفس السيارات التي قامت بالجريمة) لتوزعها على الناخبين الفقراء، ولا يستلم أحد منهم بطانيته إلا بعد أن يقسم بالعباس انه سينتخب تلك الجهة التي تنتمي اليها العصابة التي قتلت وسرقت دون الرجوع إلى الجهة التي تنتمي اليها العصابة التي لم تأذن لها جهتها السياسية بالسرقة ولا القتل.
أراد المسؤول الأمني بتصريحه أن يبرئ هذه الجهة السياسية، لكنه أوقعنا دون أن يدري في حيص بيص، فلا ندري علام نحزن الآن، على الشهداء الثمانية، أم على انتماء العصابة لجهة سياسية، أم على عدم رجوع هذه العصابة الى الجهة نفسها وأخذ الموافقة على ارتكاب جريمتهم، أم على أنفسنا نحن الذين استلمنا البطانيات في الشتاء الماضي وأقسمنا بالعباس دون أن نرى الدم الذي في البطانية؟
أحدث الطرق المبتكرة لتمويل الحملات الانتخابية أفشلتها قوات الأمن، لكنّ التصريح الغريب للمسؤول الأمني فتح الباب لنقاش مستفيض غريب هو الآخر بما يتناسب وغرابة التصريح. فمن يقرأه يشعر بالأسى لأن العصابة فعلت ما فعلت دون الرجوع إلى الجهة السياسية، لم يبق أمام الجهات الأمنية المختصة إلا أن تصدر تعميماً إلى البنوك يقضي بعدم السماح للعصابات المسلحة بالسرقة ما لم يكن لديها كتاب موثق من جهة سياسية نافذة. فمن العار أن يأتي كلّ من هبّ ودبّ ليسرق بنكاً دون التشاور مع مرجعيته السياسية؟ عار كبير لن تستره 800 ألف بطانية أم النمر.